البذرة الأولى لمصاصي الدماء .
لا أحد يعلم متى بدأ تاريخ مصاصي الدماء بالضبط ، بل أنه يمتد كما ذكرنا لما يسبق 4000 سنة ، خشي الآشوريون و البابليون من لاماستو ( او لاملاشتو ) وهي شيطانة ولدت عبر ولادة فاشلة لربّ السماء ( Anu ) ، و تخيّل الأشوريون أنها تتسلل إلى البيوت و تقتل الأبناء أو تسرقهم لكي تشيطنهم ، وربطوا ذلك بحالات الإجهاض التي تحدث للنساء في ذلك الوقت .. و الترجمة الحرفية لاسمها " she who erases " ، " هيَ التي تمحو " ، وتستهدف أحياناً البالغين ، فتمصُّ دمائهم و تجلب لهم الكوابيس السيئة ، وقد صورّت لاماستو على شكل امرأة مجنحّة بمخالب طويلة ، و أحياناً برأس أسد ، و لكي يتجنبها الناس ، قاموا بلبس تعاليق تمثل الربّ الشرير "Pazuzu " و الذي استطاع أن يغلب الشيطانة مرّةً ..
في صورة أخرى ، دائماً ما تُربط بلامستو ، ابتدع اليهود اسطورة " Lilith " ، والتي تشابه وصفها الجسدي مع الأولى ، و قد وصفت بانها أول نساء العالمين و التي خلقت مع آدم ( هذا عند اليهود ) ، ولكنها رفضت أن تأخذ موضع التابعة لآدم لانها أتت من نفس المكان ، وبذلك تمردت و كانت أبدية ، وقد أصبحت تتسلل إلى بيوت الخلق و تسرق الأجنّة و الأطفال من البيوت ، و ليس من المشروط أن تكون اسطورة ليلث مشتقة من اسطورة لاماستو بل ربما كلتاهما مشتقتان من أسطورة ثالثة ..
مع صفاتها المخيفة ، صدق اليهود أن ليليث لها صفات مغرية ، إذ كانت تأتي للرجال ليلاً على شكل " Succubus " - ما أبي اشرحها طيب .. - ،
أما الأغريق ، فخافوا الشيطانة " Lamia" - نفسها اللي في God of war - و لاميا في الأسطورة عشيقة بشرية للرب زيوس .. و عندها حقدت الآلهة هيرا - زوجة زيوس - على لاميا فقامت بإطلاق تعويذة عليها تحولها إلى مجنونة تأكل و تمص دماء أطفالها ! ، وعندما أدركت ذلك أتخمها الغضب فتحولت إلى وحش أبديّ ! ، يأكل الأطفال غيرةً من أمهاتهم ، ونشاهدها في God of war كشخصية تقاتل زيوس و تنتقم منه لأنه لم يستطع حمايتها من زوجته الغيورة .. هيرا .
وفي الأسطورة ، توصف لاميا بأن لها نصف جسد امرأة , و النصف السفلي لأفعى ...
كذلك خاف الإغريق من بنات " Hecate " ربّة السحر ، ويملكن القدرة على تبديل أشكالهن ، وتروي الاسطورة أنهنَّ هربت من هيدز ( العالم السفلي ) في الليل ، على شكل نساء جميلات ، و يغرين الرجال ثم يقتلنهم ، وقد وُجد في الثقافة الكِلتية وحش مشابه اللي هو الـ " baobhan sith " - موجود هالوحش في FFXI ، أكيد بعضنا مرينا عليه ! .
في الفلوكلور الهندي ، تنتقل شخصيات كابوسية مثل الـ " راكشاسا " كائنات تشبه الجوبلين وتقتنص الأطفال في الليل ، و على شكل " فيتالا " وهي شياطين تحتل أجساد الموتى لتقضَّ مضاجع الأحياء ( وغالباً ما تختار اجساد النساء الفاتنات : P ) ، أما في الفلوكلور الصيني فتظهر لنا كائنات الـ " k'uei " وهي أجساد الموتى التي تتحرك ، حين لا تغادر الروح العالم ، ويكون ذلك بسبب القلق الذي عاشته و العذاب في الحياة وبذلك لا تغادر الدنيا سعياً للانتقام من الجنس البشري ، وهناك نوع معين من الكوي وهو الـ " كوانج شي " والذي يستطيع الطيران ، وله فرو أبيض و عيون حمراء ، ويعضّ رقاب ضحاياه بأنيابٍ أحدَّ من السيوف .
مع القبائل الراحلة ، والتجار المتنقلين ، انتقلت قصص مصاصي الدماء إلى الشرق الأوسط ( موجودة في سباحين الأولين مثل " السعلو " ، و " ام العوافي " و غيرها من أساطير أجدادنا ) ، وكذلك إلى أوروبا و مناطق من آسيا ، ولكن في الألف سنة الأخيرة .. استقرت في شرقي أوروبا ، حيث تنضح هذه المناطق بمصادر أساطير مصاصي الدماء الحديثة ..
المرحلة الوسطى .. ( نضوج الأسطورة ) ..
حين وصلت أسطورة مصاصي الدماء لشرقي أوروبا تأثرت بالفلوكلور الشعبي لتلك المنطقة ،فامتزجت بقصص تراثية أخرى ، واغتيالات غامضة ، أو اختفاء أشياء السكان فجأة من بيوتهم ، وقد نقسم أنواع مصاصي الدماء في تلك الفترة إلى قسمين :-
شياطين معتدية : وهي شياطين تعتدي على جثث الموتى وتعيد تحريكها لكي يندمجوا بالناس ويتعاملوا معهم بكلّ يسر على شكل بشر مثلهم .. وبنفس الوقت يصلون إلى بهجة الذات .. إنهاء حياتهم ..
أرواحٌ الموتى: وهي أرواح رفضت مفارقة الجسد، ولذلك تعود إلى الدنيا ، ولكن بعد أن يفارقها إكسير الحياة ، وبذلك تعتدي على الآخرين ، ولكن بشكلٍ آخر مُحوَّر ..
الأشهر في ذلك الوقت ، وحوش الأوبير الروسية .. و الـ"فرايكولاكاس" اليونانية - اللي لعب لعبة lineage 2 أكيد شافهم كثير في مواقع مختلفة من اللعبة - ، في تلك الأساطير ، يتحول المجرمون ، الأطفال الشاردون ، المذنبون ، و عموماً من يدين بغير المسيحية ، بعد الممات إلى روحِ تائهة ، تسكن الجسد ولا تستطيع مفارقته ، وتعيش على الأحياء ، و كذلك ممارسي السحر إذ انهم كرسوا ارواحهم للشيطان فترة الحياة ، مالذي يمنع الشيطان من أن يكرّس أجسادهم وأرواحهم لخدمته بعد الممات بترويع المجتمع ؟.[IMG]
الفرايكولاكاس في لعبة لاين ايج 2
بطبيعة الحال ، تقول تلك الأساطير ، ان أجساد الموتى ، لا بد و أن تعود للقبور لكي ترتاح بعد عناء اقتناص البشر ، وبذلك حين يشكّ السكان المحليون بأن أحد الموتى قد استحال مصاص دماء ، يهجمون على قبره و يقومون بإجراءات طرد الروح ، ويتخلصون من الجسد ببساطة ، وتكون الإجراءات بطعن الجثة بقطعة من الخشب ، وبعض العائلات تدفن أبنائها بشكل مقلوب ( على بطونهم ) ، وبذلك حين يحاول مصاص الدماء الخروج ، يحفر في الأرض بالمقلوب وبذلك يسقط في الجهة الأخرى من الأرض ×_× !.
مصاصو الدماء في والاتشيا و مولدافيا و ترانزلفينا ( رومانيا الآن - موطن داركولا !- ) سُموا باسم " ستريجوي " ، وهي أرواح خاصة من البشر عادة بعد الممات لتعيد تحريك أجسادها ، بعكس الأوبير و الفرايكولاكاس ، يجب على الستريجوي ان يمر بمراحل معيّنة لكي يتحول إلى مصاص دماء مطلق أو يصبح مرئي ، فيبدأ بتنبيه عائلته عبر تحريك الأثاث او سرقة الطعام ، وينقل لهم الأمراض ، ويظهر في بعض المرات متوسلاً للطعام .. و الستريجوي يبدأون بالتغذي على عائلاتهم ، ومن ثمَ ينتقلون إلى بقية الناس .. يمتص الستريجوي دمَّ البشري ،، مباشرةً عبرَ القلب !.
و يتصرف الناس معهم كما يتصرفون مع الأنواع أعلاه ، كما كان هناك نوع آخر من الستريجوي ، أو الستريجوي الأحياء ، وهم من حلّت عليهم اللعنة ، وقُدرَّ أن يتحولوا إلى ستريجوي بعد موتهم ( مثل الاطفال المشوهين ، أو أبناء الستريجوي ) ، وكان الناس يدمرون جثثهم فوراً بعد موتهم .
انتقلت الأساطير إلى غرب أوروبا ، ومعها انتقلت هيستريا مصاصي الدماء ، فتناقل الناس رؤية أقربائهم الموتى يمشون ، و انتشر الخوف بين الناس ، و ذلك ما فتّن الكاتب الإيرلندي " برام ستوكر " وبهذا اتجه إلى كتابة كتابه الشهير " Dracula " ، والذي كان أصل الأسطورة الحديثة ! ..