القرد والجمار

وصل قرد إلي قرية نائية في وقت الظهيرة ، فوجد حمارا مربوطا بجوار أحد البيوت ، وأمامه كومة برسيم يأكل منها ، وجردل ماء يشرب فيه. وبعد أن تبادلا التحية قال القرد للحمار: كيف حالك ياصديقي الحمار ؟ فرد عليه وهو يواصل الأكل : كما ترى يا سيدي القرد : يركبني صاحبي إلي الحقل ، وهو يجر المواشي كل صباح ، ثم يعود بي مع الظهرللقيلولة ، فيربطني كما ترى لاتناول غذائي . ثم يذهب بي إلى الحقل بعد الظهر ليعود بالليل، فأبيت بالحوش وأمامي العلف والماء ، وهكذا دواليك “فقال القرد : “مسكين أنت يا صديقي الحمار ، تعيش العمر مظلوما ، ومحروما من مباهج الحياة ” . فنصب الحمار أذنيه ، وتوقف عن الأكل وقال ” كيف هذا يا سيدي ؟ أفهمني ما تقول من فضلك ” فقال له القرد : ” لا بد أن تتحرر من هذه المعيشة البائسة ، وتنطلق إلى اخوانك الحمير الأحرار ، حيث تستمتع بالطعام الشهي، وبالرقص والموسيقى واللهو “. هناك ستعيش في اليوم ألف يوم ، وتستمتع بكل مشاعرك وأحاسيسك “. فنهق الحمار وقال: “وكيف عرفت ذلك ” ؟ فقال القرد “أنا مخلوق واسع الاطلاع ، أطوف الدنيا كلها ، ولما رأيت الظلم الواقع علي الحمير أمثالك أنشأت منظمة عالمية لحقوق الحمير ” . فقال الحمار متلهفا ” وأين يعيش اخواني المحظوظين هؤلاء ” رد القرد : ” في واحة النعيم ” . فضرب الحمار بحافره الأرض وقال :” الويل لي .. أنا لا أعرف مكانهم ” فقال القرد ” أنا أدلك علي هذا المكان يا صديقي الحمار ” . فنظر الحمار إلي القرد بامتنان وقال :”سأكون مدينا لك طوال عمري بهذا المعروف”. فسر القرد وضحك في دهاء وقال :”والآن دعني يا صديقي لأفك قيدك وأركبك كي آخذك إلي واحة النعيم” فنهق الحمار مبتهجا وقال :”نعم ا سيدي بكل حب واعتزاز “.
ركب القرد الحمار وسار به في القيظ على طريق وعر ، به صخور ومستنقعات حتى أصاب الحمار التعب الشديد ،فقال للقرد ” ألم نقترب من واحة النعيم يا سيدي؟” فقال القرد :” بقيت لنا بعض المسافة، فصبرا يا صديق الحمار،ألم تسمع قول الشاعر :”بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها ... تأتي إلا علي جسر من التعب ” فقال الحمار ” نعم . نعم يا سيدي ” . واصلا السير، وبعد فترة صاح القرد مهللا: “ها .. قد لاحت واحة النعيم ” وأشاربيده إلى غابة كثيفة الاشجار، وقال للحمار ” انظر. هل تراها ؟” فنهق الحمار سعيدا وقال :”نعم أراها يا سيدي” .

وصل القرد إلي الغابة راكبا الحمار ، ثم دخلا فيها . وهنا بدأ الحمار يسمع زئير الاسد قادما من أعماق الغابة ، فقال للقرد:”ما هذا ياسيدي ؟” فال القرد:” هذا فأر مستأسد . اطمئن يا صديقي . انه لا يستطيع اعتراضنا ، وإذا اعترضنا سأعلمك كيف ترفسه رفسة قاتلة تقضي عليه “.استمرا في التوغل داخل الغابة ، وزئير الأسد يعلو ويعلو . فداهم الخوف قلب الحمار ، وقال للقرد :”انني خائف يا سيدي ” . ضحك القرد وقال:”يا صديقي كن شجاعا واثقا من قدرتك . أتخشى فأرا مثل هذا؟”. سار الحمار على مضض ، حتى اذاحاذى إحدى الاشجار قفز القرد من فوق ظهره الي الشجرة في لحظة ، وتسلقها إلى أعلى . ذهل الحمار مما فعل القرد ، وناداه :” يا سيدي لماذا تركتني؟” فرد القرد قائلا :”الحق أقول لك يا صديقي أنا لا أقوى على مواجهة هذا الاسد الكاسر ، فقاتله انت ان شئت أو اهرب منه ” . فصاح الحمار غاضبا :” أايها القرد الخائن تتركني لأواجه هذا الوحش الحقير وحدي ؟ هذه مؤامرة رتبتها بينك وبينه لأنكما تحقدان علي ، فانا اكثر منكما ذكاء ومعرفة وقوة ، وسألقنك أنت وهذا الفأر المتوحش درسا ........” . ولم يكمل الحمار كلامه ، فقد هجم عليه الاسد بسرعة البرق ، وانشب مخالبه في رقبته ، وأطبق بأنيابه علي حلقه ،فكسر حنجرته ومجرى الهواء فيه ،فخر الحمار مختنقا صريعا . عندئذ اخذ الاسد ينهش في لحمه بشراسة وقسوة . وهذه كانت نهاية الحمار .

تسلم الايادى طرح مميز ومجهود رائع

شاكرا تواجدك
امتنانى

دائما متميز في الاختيار
سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعة مواضيعك
فيض ودى

موضوع اكثر من رائع

وننتظر مزيدك بكل شوق

تقبل مروري ولك ودي وردي

دامت طلتك
ممنون