بابا خميس

موضوع: بابا خميس الإثنين 16 فبراير 2015, 6:14 pm

«دخلتُ من بوابة النادى وتوجهت لصالة الملاكمة. ترك صديقى التدريب وأخذنى إلى المدرب، رجل ضئيل فى منتصف الستينيات شعره أبيض، وفى عنقه صفارة. قال له صديقى: (بابا، هذا هو أشرف زميلى فى الكلية، يود أن يكون ملاكماً).

نظر لى المدرب نظرة فاحصة وقال: (خذه للتدريب مع مجموعتك).

شرح لى صديقى لاحقا: (الكابتن خميس مدرب النادى منذ ثلاثين سنة، لكننا جميعا نناديه «بابا»).

أمضيت حوالى ساعة فى التدريبات. شمل التدريب اللياقة وتقوية العضلات وأكياس الملاكمة. فى نهاية التدريب نصعد إلى الحلقة، حيث يلاكم كل واحد منا زميلًا.

استحوذت الملاكمة على مشاعرى. أخذتها بجدية وكان هذا سبباً فى تقدم مستواى. رأيت فيها تجسيداً للحياة. أفراد يتدربون لزيادة مهاراتهم، ثم يتلاقون على الحلقة كى يحاول كل منهم أن يضرب خصمه وأن يتلافى ضرباته. الهزيمة والنصر- كما فى الحياة- أيضا مرتبطان بالألم.

النادى رغم شهرته كان فى منتهى التواضع. برغم ذلك حصد الكثير من البطولات المحلية والدولية عديدة، بفضل مدربه العجوز (بابا خميس).

كان كل الملاكمين من الطبقة الكادحة، وبالتأكيد مختلفين عنى. حاولت جاهداً أن أبدو مثلهم. تعرفت بعاشور الدباغ الذى قال لى: (ماذا تفعل هنا؟ اذهب والعب تنس. رياضات أولاد الناس).

عاشور الدباغ. غامق السمار، شعره أكرت وقميصه مفتوح كى يبرز صدره العارى وعلى شفتيه ابتسامة متحدية. أدرك بذكائه الفطرى أنه قد يستفيد منى فى المستقبل فأصبح سلوكه نحوى يتسم بمداهنة غير مريحة. قال لى: (عندما سأسافر إيطاليا لدورة البحر المتوسط سأشترى عربة مستخدمة وأشحنها معى ثم أبيعها هنا).

راقبنى بابا خميس بتركيز. قال:

ـ (مستواك معقول وحركاتك ذكية وسليمة. لكن عندك عيب يجب إصلاحه، وإلا لن تصلح كملاكم، يجب أن تحاول إيذاء خصمك، لن تنجح إذا كنت مؤدباً معه).

قبل بطولة الجمهورية بأسبوعين قال بابا خميس فجأة:

ـ (اسمع يا عاشور، ستلاكم أشرف ومن يكسب سيمثل المنطقة). صاح عاشور بغضب: (غير معقول يا بابا، أنا بطل الإسكندرية السنة الماضية، كيف أدخل المنافسة مع ملاكم جديد؟).

أجابه بابا: (مفروض إذاً أن تفوز عليه بسهولة).

تدربت لساعات طويلة. كنت أدرك أن لياقتى أفضل منه وحركاتى أصح، لكنه بدنياً أقوى منى، فتوقعت أنه سيندفع فى بداية المباراة محاولا استغلال قوته وضربى بالقاضية. بدأت المباراة واندفع عاشور نحوى كثور هائج، فقمت بتجنب اندفاعه ولكمته لكمات سريعة. تكرر نفس الأمر فى الجولتين الثانية والثالثة وفجأة وأثناء التحامى معه قال بصوت هامس منهك: (أنا محتاج أن أكسب، دعنى أكسب).

لم آخذ توسله بجدية، أنهيت المباراة بسيل من اللكمات القوية المؤثرة.

بعد المباراة لحق بى عاشور فى حجرة خلع الملابس وأخذ يصيح بانفعال وأننى دخيل على اللعبة، وسأخرب بيته حيث كان يتعشم الكثير من سفره لإيطاليا.

دخل علينا بابا خميس حجرة خلع الملابس، قال لى: (لعبت مباراة كبيرة، تستحق الفوز بجدارة).

ثم سكت برهة وأكمل: (قررت أن عاشور هو من سيمثل المنطقة فى بطولة الجمهورية).

كان القرار مفاجأة لى. قلت: (لكن بابا، لقد كان الاتفاق أن من يفوز فى هذه المباراة هو من سيمثل المنطقة، فلماذا هذا القرار؟)

ابتسم لى ثم أجابنى بهدوء: (لأننى بابا).

سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعة مواضيعك

شكرا جزيلاً
بانتظار المزيد

اشكرك جزيل الشكر على الموضوع الرائع والقيم بما يحمل
وفقك الله والله يعطيك الف عافية دائما مواضع مميزة ورائعه
شكرا جزيلا لك ولك مني اجمل تحية وود وافر لشخصك
بابا خميس Z

شكرا لتواجدك

امتنانى

» خميس اسود علي الاخوان .. ضربه قاضيه من الداخليه الان للاخوان تفقدهم التوازن
» قصة علي بابا
» بابا غنوج
» طريقة عمل بابا غنوج بالزبادي
» بابا الفاتيكان يطالب المجتمع الدولي