عشوائية استقبال الضيوف من الرؤساء ...

لو أن دولة أخرى قررت أن تحتفى بوجود أحد الرؤساء فى دولتها، فتفتق فى ذهن قيادتها أن يضعوا على كوبرى أكتوبرهم لوحات تحمل صورة الرئيس الضيف، لاهتمت تلك الدولة أن تضع تلك الصور فى نسق واحد على ارتفاع واحد على الأعمدة، وبزاوية معينة تجعل شكل الاستقبال حضاريا، وربما زادوا الاهتمام قليلا فعالجوا المشكلات الموجودة فى فواصل الكوبرى منذ عدة عقود والتى تجعل السير على الكوبرى الأشهر مغامرة لا تنتهى.

كل ما حدث فى استقبال بوتين يعكس ببساطة قدر العشوائية التى تشكل معلما مهما فى بلدنا يفوق أهرامات الجيزة، حين صدر الأمر بإحسان استقبال بوتين لم تخبر القيادات الوسيطة المئات الذين عملوا على اللوحات أو السلام الوطنى كيفية ذلك، وأعتقد أنهم لم يملكوا الرؤية لذلك أيضا، لم يوكلوا الأمر لأصحابه ولمن يفهمون فى تلك الأمور، والأكثر مرارة أنهم لم يكتفوا بمراجعة ما تم، فتنبههم عين فنية عن بشاعة التنسيق لتلك اللوحات، وعشوائيتها، وفراغها من مضمونها المنشود، اكتفت إدارة البلاد فقط بوضع مئات العساكر والجنود أمام كل لوحة خشية أن يفسد شاب إخوانى أو آخر ناقم على النظام أو حتى طفل يلعب بعلبة إسبراى سوداء الاحتفالية ليعكس طريقة تفكير الدولة فى كل الأمور.

الدولة تبحث عن حل أمنى دائما، تضع تأمين اللوحات التى تحمل صورة «الرئيس الضيف» هدفا أسمى من تنسيق تلك اللوحات أو وصولها إلى غايتها، الهدف ألا يفسد أحد المارة صورة بوتين لكن لا ضير إن طارت بفعل الهواء، أو سقطت من العمود بفعل سوء التركيب، أو كان وجهها فى اتجاه الشارع لا الكوبرى، الدولة تبحث عن مخرج أمنى لأحداث مباراة الزمالك لكنها لا تبحث عن منظومة لضبط الدورى والأندية ورؤسائها، الدولة تبحث عن حل أمنى لمعرض الكتاب، تغلق بوابة صلاح سالم ومحطة المترو كذلك معتبرة أن انتهاء المعرض دون خسائر إنجاز فى حد ذاته دون التفكير فى تأثير ذلك على عدد الزائرين أو صناعة النشر ذاته.

الحل الأمنى الذى يعمل بمنأى عن بقية أهداف النهوض.. يجعلنا جميعا فى قفص لا يختلف كثيرا عن قفص استاد الكلية الحربية، ويجعل أقصى آمالنا كشعب أن نخرج منه سالمين، وأقصى آمال الأمل ألا يضطروا لإطلاق الغاز، وأقصى طموحاتنا كدولة - إن حدث ما لا نرغبه مما سبق- ألا نفسد الصورة أمام «الرئيس الضيف».