عشم ابليس فى الجنة ...

نشرت جريدة «الوطن» المصرية (الخميس ٥ فبراير/ شباط ٢٠١٥) على صفحتها الأولى هذا الخبر تحت عنوان «(انتقام دمياط) تتبنى حرق سيارتين لـ(الإخوان) و(درع الفيوم) تتوعد باستهداف الجماعة». ويقول الخبر «أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم (كتائب الانتقام) لأرواح شهداء القوات المسلحة فى دمياط، فى بيان صحفى، عن تبنيها عملية حرق سيارتين مملوكتين لاثنين من الكوادر البارزة فى جماعة الإخوان الإرهابية. ضمن ما قالت إنه ستكون أولى خطوات التصعيد للقصاص» ثم مضى الخبر يتكلم عن جماعة مماثلة فى محافظة الفيوم تمارس نفس النشاط الدفاعى فى مواجهة الجماعة الإرهابية التى فقدت عقلها عندما شنت الحرب على الشعب المصرى.

من المصطلحات الشعبية المعروفة فى مصر جملة «إنت حاتعمل عقلك بعقله» وهى تُقال لك عندما ترد على عدو سخيف بأعمال تماثل أعماله ضدك. لقد صبر الشعب المصرى طويلا، تاركاً مهمة الدفاع عن حياته ووجوده للمؤسسة الأمنية المصرية والمؤسسة العسكرية. وهما مؤسستان تعملان بالطبع فى إطار قانونى وملتزمتان بما تفرضه قواعد السياسة وشرف المهنة وشرف السلاح. ولكن الأمر زاد عن حده، فى كل يوم يتم الكشف فيه عن قنابل فى كل مكان بعضها ينفجر محدثاً خسائر كبيرة فى أرواح الناس وممتلكاتهم.

لقد استطاعت جماعة الإخوان، التى تتسم بأكبر قدر من الحماقة والعدوان، أن تملأ نفوس المصريين جميعاً بالغضب والرغبة فى الانتقام منهم. أى باختصار قرروا أن «يعملوا عقلهم بعقول الجماعة» أى أن يردوا عليها بنفس أفعالها.

عند هذا الحد من كلماتى لا بد أنه قد ساورك سؤال: هل اوافق  على ذلك؟

التاريخ يصنع نفسه بغير انتظار لموافقة سيادتك أو سيادتى. هناك لحظات تتخذ فيها الشعوب قرارات خارجة على القوانين المكتوبة، يكتشف الباحثون فيما بعد أنها كانت ضرورية للحفاظ على وجودها.

ما حدث فى  دمياط سيحدث فى بلدان وجهات أخرى. كما أتوقع أن المدن التى ستتبنى هذا النوع من النشاط الدفاعى سيفاجأ سكانها باختفاء القنابل والعبوات الناسفة. أتوقع ذلك لأنى على يقين بأن المتطرف لا يهاجمك فى المكان أو الزمان الذى تكون مستعداً فيه لمواجهته، كما أنه لا يضربك عندما يعرف أنك سترد الضربة بشكل يوجعه.

من الملاحظ أن أعضاء الجماعة البارزين فى هذه الجماعة المصرية التى شنت الحرب على المصريين، كلهم من الأثرياء أصحاب الثروات والممتلكات والسيارات الغالية. وهو ما يجعل منهم أهدافاً سهلة فى هذا الجو الذى شحنته جماعتهم بأكبر قدر من الوحشية والغباء والاستهتار بحياة المصريين. ولأن الأثرياء فى أى مكان يمتلكون عقولاً راجحة، لذلك أنا أعتقد أنهم- حرصاً على الأقل على سياراتهم- سيتدخلون ويقنعون شياطينهم بالكف عن زرع القنابل والعبوات الناسفة.

مرة أخرى وليست أخيرة، ماذا تريدون يا سادة؟ أن تحكموا مصر؟ هذا عشم إبليس فى الجنة. ما رأيكم الآن بعد أن نجحتم فى دفع جماعات من الشعب المصرى لأن «تعمل عقلها بعقلكم؟».

«نقلاً عن الشرق الأوسط»