تسمح تولّع لى صباع كفتة؟

هناك أخطاء يسهل غفرانها وأخطاء أخرى لا تغتفر. من النوع الأخير الذى لا يغتفر حالة التعتيم والتجاهل التى يتعرض لها واحد من أنبل أبناء هذا الوطن.. رجل كرس حياته وفكره وقدراته العقلية الفذة فى خدمة بلاده.. رجل ملأوا له الأجولة بالزمرد والياقوت من أجل أن يحصلوا على اختراعه فأبى واستعصم، وقدموا له إغراءات أخرى يسيل لها لعاب العفريت فما لان ولا انثنى.. وعندما حاولوا أن يستعملوا معه الشدة أنقذته الأجهزة فاختطفته وأعادته إلى حضن الوطن. أتحدث عن العالم الجليل الذى لم يلق التكريم الذى كان يستحقه من بلده، بل لقى الجحود والنكران والاتهامات الهوجاء. قالوا عنه «دجال»، وقالوا «معالج بالأعشاب» وقالوا أشياء أخرى سخيفة.

أطلقوا فى حقه النكات وصاروا يسخرون من مخترعاته ويبثون فى الرجل روح اليأس وكأنما يستكثرون علينا عالماً نابغاً متبتلاً فى محراب العلم لا يحوز سوى الجنسية المصرية، على العكس من غيره من العلماء الذين حصل أغلبيتهم على جنسيات أجنبية مثل الدكتور زويل والدكتور مجدى يعقوب والدكتور فاروق الباز وغيرهم. صحيح أن الجنسية الأجنبية لا تعيب حاملها ولا تنتقص من وطنيته ولا جدارته بخدمة مصر، لكن الأصح هو أن نفخر بالرجل الذى قالوا له: خذ مليارين من الورق الأخضر المنعش الذى تضرب الورقة منها فى الحائط فترتد إليك فى صورة ثمانية جنيهات مصرية.. قالوا له خذ الفلوس فقال إنى أخاف الله، مع أنهم لم يطلبوا شيئاً فى المقابل إلا أن ينسى!

قالوا له انسَ اختراعك الذى تريد أن تفيد به الفقراء ودعه لنا، لكنه لم ينسَ ولم يغره متاع الدنيا الزائل. رفض الرجل المال ومنح الفرصة لأعداء النجاح أن يعتبوا عليه أنه لم يأخذ المال ويشترى به كشرى وسوفالدى للمرضى يعوضهم عن اختراعه الذى تكالب عليه الأعداء!. أتحدث عن أكبر عالم عربى منذ الحسن بن الهيثم ومنذ عبده فرج.

أما مناسبة هذا الكلام اليوم فهو القرار الذى اتخذته نقابة الأطباء بمحاسبة ومساءلة كل الذين كانوا مع العالم الجليل فى مختبره.. الذين وقفوا معه يؤازرونه ويحسّنون للجمهور اختراعه ويزينون لهم أسلوبه الجديد الذى يعالج كل الأمراض والأوبئة، ما ظهر منها وما بطن. لا أعتقد أن البحث العلمى يستفيد من هذا الإجراء، الذى لا شك سيخيف الأطباء فى قابل الأيام، ويجعلهم يحجمون عن مساعدة أى عالم يفكر فى علاج الغلابة والفقراء بوسائل غير تقليدية.

لقد وصلنا إلى العالمية مرتين فى هذا العصر.. مرة عند بلوغنا نهائيات كأس العالم عام ٩٠ على يد الجوهرى، الذى أصاب مدربى إنجلترا وأيرلندا بالشلل عندما لم يصنع هجمة واحدة طوال ١٨٠ دقيقة، والمرة الثانية بعد الاختراع الرهيب الذى كاد يمنح عالمنا الكبير جائزة نوبل لولا غياب أشياء بسيطة افتقدها العلاج الجديد.

أرجو أن نفيق قبل فوات الأوان، وأن نتدارك خطأنا فى حق الرجل، ونتوقف عن التقليل من شأن أنفسنا بظن أن الخواجات فقط هم منبع الطب والعلم والحكمة. ونداء أخير إلى أبناء الوطن الشرفاء: بدلاً من أن تلعن الظلام، حاول تتفاهم معاه، وبدلاً من انتقاد السيد أبوالمعاطى قم بتجهيز التوميّة والمخلل حتى لا تجد لجنة نوبل حجة فى المرة القادمة!

بقلم أسامة غريب

٩/ ٢/ ٢٠١٥

اهنيك ع الذوق
إبداع في الطرح وروعة في الإنتقاء
وجهداً تشكرون عليه
دمتم بروعة طرحكم

موضوع فعلا رائع ومميز جدا
الف شكر لك

يسلموا
امتنانى

جزاك الله خيرا

موضوع رائع
و
طرح موفق
بارك الله فيك

» شاهد بالفديو قرد يلتهم صباع طفل في حديقة الحيوان
» إسرائيل لن تسمح بظهور «السيسي»
» كفتة السردين
» كفتة السمك
» كفتة السمك