سهرة الحشيش ...

موضوع: سهرة الحشيش ... الأحد 08 فبراير 2015, 9:14 pm

هذه الأمسية بدا أن عم فتحى سيفعلها حقا ويموت. فقد النَفَس وازرقت شفتاه وشخصت عيناه، لكن رفقاء الحشيش كان لديهم انطباع مسبق أن عم فتحى لا ينوى أن يموت. خصوصا وقد تكرر الأمر عدة مرات يحملونه وهو قاطع النفس إلى المستشفى ثم يخرج كالجن فى اليوم التالى ليشاركهم سهرة الحشيش. لكن هذه المرة الرغاوى التى خرجت بين شدقيه جعلتهم يذهبون إلى زوجته ليلى ليعلموها بالخبر. تلقت النبأ بهدوء زوجة متمرسة على هذا الهراء.

■ ■ ■

انطلق الركب إلى المستشفى. الكل يعرف أن ليلى هى التى استطاعت وحدها أن تتحمل عم فتحى. الأسطى الماهر الذى تُوزن أصابعه بالذهب، بأصابعه النحيفة الملوثة بالأصبغة والتى تشبه فى رقتها ورشاقتها أنامل عازف. بهذه الأصابع وهى تنقر على الخشب، وبروح غامضة تدعى الموهبة، يستطيع عم فتحى أن يصنع لك أروع الأثاث.

بالفعل عم فتحى ليس نجارا عاديا وإنما شاعر يقرض الشعر فى صورة أخشاب.

لكن الحلو لا يكمل! لو كان عم فتحى يملك شطارة أخيه الأكبر وحيد لكانا اليوم من كبار المليونيرات. لكن للأسف وحيد ملك الشطارة دون الموهبة وعم فتحى ملك الموهبة دون الشطارة، وبالتالى ظل كلاهما من الفقراء. ولطالما راح وحيد يحاول إقناعه أن يكف عن شرب الهباب الذى يتعاطاه ويودع حياته البوهيمية، ويؤكد له أنه لو وضع كل منهما يديه فى يد الآخر لصارت ورشة أبيهما مصنعا، ويستمع عم فتحى فى تأثر إلى خطبة أخيه وحيد، وتدمع عيناه من فرط التأثر، ويندم على العمر الذى ضيعه فى شرب الحشيش وترتجف أصابعه التى توزن بالذهب ويعاهد أخاه على الاستقامة ثم ما يلبث أن ينسى هذا كله بمجرد أن يغادر المكان.

عندما تزوج ليلى الصبورة الصامتة تفاءل أخوه خيرا أن تعصمه من رفقاء الحشيش. لكن هيهات! بعد الزفاف وفى الليلة التالية مباشرة ترك ليلى، وانضم إلى شلته القديمة. تجمعهم جلسات السمر الليلى، والدخان الأزرق يعبق فضاء الغرفة، فيشعرون بالاسترخاء والانبساط. وقتها تصبح كل نكتة مضحكة وكل دعابة خارقة وكل مشاكل العالم الخارجى مادة للضحك والانبساط. أحيانا كان يغلب عم فتحى البكاء، فينخرط فى نوبة عاطفية من الرثاء لنفسه، ويتذكر نصائح أخيه وحيد التى لا يعمل بها، ثم ينوه بأفضال ليلى فى حياته. ليلى الصابرة الذى تقبلته كما هو، تعصب منديل الراس على وجهها المستدير.

استقبل الطبيب النوبتجى عم فتحى فى هدوء. بدأت الاستعدادات الأولية، لم يختلج وجه عم فتحى وهم يثبون الإبرة فى عروقه، حتى شك الطبيب أنه قد غادر الحياة فعلا.

وفجأة دبت صحوة الموت فى هيكله المتلاشى. ورفع جذعه ليلقى نظرة مستطلعة، وتلاعبت ابتسامة فكاهية على شفتيه وهو يرنوا إلى ليلى ورفاق السمر. ثم قال بصوت محشرج: «حاموت يا ولاد الكلب». ثم سقط رأسه وخرج السر الإلهى بالفعل ومات عم فتحى.

وبرغم محاولاتهم الجادة للتظاهر بالبكاء، وبرغم حزنهم الحقيقى لفقد صديق العمر، فإن الضحك ظل يتلاعب فى صدورهم على آخر دعابات عم فتحى. ربما بسبب الحشيش الذى لم يذهب تأثيره بعد، وربما لأن الدعابة كانت فعلا قوية، وربما لأن الجملة الختامية كانت تحمل من العبث ما يتوج حياته كلها. وفى النهاية انهارت مقاومتهم وانخرطوا فى ضحك رائق، بما فيهم الطبيب نفسه، حتى ليلى الصامتة الغامضة.

قصة رائعه فعلا تسلم ايدك

اشكرك جزيل الشكر على الموضوع الرائع والقيم بما يحمل
وفقك الله والله يعطيك الف عافية دائما مواضع مميزة ورائعه
شكرا جزيلا لك ولك مني اجمل تحية وود وافر لشخصك

موضوع فعلا رائع ومميز جدا
الف شكر لك

يسلموا
امتنانى

» فساتيــــــــــــن سهرة روعه
» فساتين سهرة فخمه جدا
» فساتين سهرة فخمة جدا
» فستان سهرة يليق يجمالك
» فساتين سهرة قصيرة باللون الأحم