تاريخ التوحد
لمزيد من المعلومات: تاريخ متلازمة أسبرجر
ووصفت أمثلة قليلة أعراض التوحد وعلاجه قبل تسميته بفترة طويلة. وضم كتاب مارتن لوثر كينج" The Table Talk" الذي ضم عدة مقالات جمعها ماثيسبوس المكلف بتسجيل مذكرات كينج، قصة صبي عمره 12 عامًا كان يعاني من التوحد بشدة.[174] وظن لوثر أن الصبي كتلة لحم بلا روح امتلكها الشيطان. وذكر أن الصبي يمكن أن يصاب بالاختناق، وألقى أحد النقاد التاليين بظلال من الشك على صحة هذا المقال.[175] وتعتبر قضية هوف بلير من قرية بورج، هي أقدم حالة موثقة جيدًا عن مرض التوحد، على النحو المبين في قضية محكمة 1747 والتي التمس فيها شقيق بلير إلغاء زواجه للحصول على ميراثه.[176] وأظهر صبي أفيرون المتوحش، وهو طفل قبض عليه في عام 1798، العديد من علامات التوحد؛ وعالجه طالب الطب جان إيتارد ببرنامج سلوكي صممه لمساعدة أفيرون على تكوين روابط اجتماعية ولحثه على الكلام عبر التقليد[177].
وصاغ الطبيب النفسي السويسري يوجين بلولير في عام 1910 الكلمة اللاتينية الجديدة autismus( وتترجم في الإنجليزية autism) أثناء تعريفه لأعراض مرض الفصام. واشتقت الكلمة من autós اليونانية( وتعني النفس)، واستخدمها يوجين لتعطي معنى مرض الإعجاب بالنفس، مشيرًا إلى انسحاب مريض التوحد إلى وهمه وخياله، وتبنيه موقفًا مضادًا لأي تأثير خارجي، حتى يصبح الاضطراب أمرًا لا يطاق[178].
واكتسبت الكلمة معناها الجديد في عام 1978 عندما تبنى هانز أسبرجر بمستشفى جامعة فيينا، مصطلح بلولير عن المرضى النفسيين المصابين بالتوحد في محاضرة له بالألمانية حول علم نفس الأطفال.[179] وكان أسبرجر يحقق في اضطراب طيف التوحد ASD الذي يعرف الآن باسم متلازمة أسبرجر، على الرغم من أنه كان يعرف على نطاق واسع بأنه تشخيص منفصل لوجود أسباب مختلفة حتى عام 1981.[177] واستخدم ليو كانر من مستشفى جرنر هوبكنز لأول مرة التوحد بمعناه الحديث في اللغة الإنجليزية، عندما عرض تسمية التوحد الطفولي في تقرير 1943 عن 11 طفلًا تشابهت سلوكياتهم الإضرابية.[39] وتقريبًا لا تزال كل الخصائص التي تم وصفها في مجلة كانر الأولى حول هذا الموضوع، ولا سيما" عزلة التوحد" و" الإصرار على النمطية"، تعتبر نموذجًا لاضطرابات طيف التوحد.[53] وغير معروف ما إذا كان كانر قد اشتق المصطلح بشكل مستقل عن أسبرجر أم لا[180].
وأدت إعادة استخدام كانر للتوحد إلى عقود من المصطلحات المختلطة مثل الفصام الطفولي، وأدى تركيز الطب النفسي للأطفال إلى إساءة فهم التوحد واستجابة الرضع إلى" الأم الثلاجة"؛ أي المتجمدة عاطفيًا. وابتداءً من أواخر الستينات نشأ التوحد كمتلازمة منفصلة وذلك من خلال إطهار أن التوحد يستمر مدى الحياة، وأن يتميز عن الإعاقة الذهنية وعن الفصام وعن اضطرابات النمو الأخرى، وإظهار فوائد إشراك الآباء في برامج العلاج النشطة.[181] وفي أواخر منتصف السبعينات من القرن العشرين، كان هناك دليل على دور الجينات في التوحد؛ والآن يعتقد أن يكون التوحد أحد أكثر الحالات النفسية الموروثة.[182] وعلى الرغم من زيادة عدد المنظمات الرئيسية ووصف التوحد الطفولي قد أثروا بشكل عميق على كيفية نظرنا إلى التوحد( طيف التوحد)، [177] استمر الآباء في الشعور بالوصمة الاجتماعية في مواقف ينظر فيها الآخرين بسلبية إلى سلوكيات الأطفال المصابين بالتوحد، [183] ومازال الكثيرون من أطباء الرعاية الأولية والأطباء المتخصصين يذكرون بعض المعتقدات المتسقة مع أبحاث التوحد والتي عفا عليها الزمن[184].
وقد ساعدت شبكة الإنترنت الأفراد المصابين بالتوحد على تجاوز الإشارات غير اللفظية، والمشاركة العاطفية التي وجدوا أنه من الصعب التعامل معها، ومنحتهم وسيلة لتشكيل مجتمعات محلية وللعمل عن بعد.[185] وقد تطور علم الاجتماع والجوانب الثقافية الخاصة بالتوحد؛ فهناك من يسعون لتلقي العلاج، وأصبح الآخرون يعتقدون أن التوحد هو بساطة شكل آخر من أشكال الوجود[21][186].
الذاتوية وبالاتيني( Autism): هي أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة باللغة الطبية "اضطرابات في الطيف الذاتوي" (Autism Spectrum Disorders - ASD) تظهر في سن الرضاعة، قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات، على الاغلب.
وبالرغم من إختلاف خطورة وأعراض مرض التوحد من حالة إلى اخرى، إلا أن جميع اضطرابات الذاتوية تؤثر على قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به وتطوير علاقات متبادلة معهم.
وتظهر التقديرات أن 6 من بين كل 1000 طفل في الولايات المتحدة يعانون من الذاتوية وان عدد الحالات المشخصة من هذا الاضطراب تزداد باضطراد، على الدوام. ومن غير المعروف، حتى الان، ما اذا كان هذا الازدياد هو نتيجة للكشف والتبليغ الأفضل نجاعة عن الحالات، أم هو إزدياد فعلي وحقيقي في عدد مصابي مرض التوحد، أم نتيجة هذين العاملين سوية.
وبالرغم من عدم وجود علاج لمرض الذاتوية، حتى الآن، الا أن العلاج المكثف والمبكر، قدر الإمكان، يمكنه ان يحدث تغييرا ملحوظا وجديا في حياة الأطفال المصابين بهذا الإضطراب.