المجتمع والثقافة والمعاقين
الأحداث الجارية
و تتمثل الأحداث في الحقوق السياسية والدمج الاجتماعي والمواطنة. حيث امتدت أبعاد المناقشة بالدول النامية إلى ما وراء القلق والاهتمام بالتكلفة المدركة للحفاظ على الأفراد العاجزين الذين هم في حاجة إلى الاعتماد على الآخرين لمحاولة إيجاد سبلٍ فعالةٍ لضمان أن العاجزين يستطيعون حينها المشاركة والمساهمة في المجتمع وفي جميع مجالات الحياة كذلك.
و يشعر العديد بالرغم من ذلك بالقلق تجاه أن الحاجة العظمي لابد من مواجهتها في الدول النامية – حيث تقطن غالبية العاجزين والمقدر عددها بنحو 650 مليون فرد. كما أنه لابد من بذل قدراً كبيراً من العمل والجهد لمواجهة تلك الاهتمامات المختلفة بدءاً من إمكانية الوصول والولوج والتعليم وصولاً إلى التمكين الذاتي والوظيفة ذات الاعتماد الذاتي للفرد بل وإلى أبعد من ذلك أيضاً.
و قد ركز الناشطون في مجال العجز والإعاقة خلال الأعوام القليلة الماضية على الحصول على حق المواطنة الكامل للعاجزين والمعاقين.
و بالرغم من أن بعض العقبات القابعة في بعض الدول تتمثل في الحصول على وظيفةٍ بدوامٍ كاملٍ، فإن التقبل العام للعاجزين والمعاقين قد يختلف ويتنوع من مكانٍ إلى آخر.
حركة حقوق العجز
يقود حركة حقوق العاجزين والتي كانت قد تكونت في السبعينات من القرن العشرين مجموعةٌ من العاجزين المعاقين. وغالباً ما يُنظر إلى تلك الدعوى الذاتية على أنها مسؤولة بشكلٍ كبيرٍ عن التحول نحو المعيشة المستقلة والقدرة على الوصول. وقد اقتبس مصطلح "المعيشة المستقلة" من تشريع كاليفورنيا لعام 1959 والذي مكَّن الأفراد الذين أصيبوا بالعجز نتيجة شلل الأطفال من أن يغادروا أجنحة المستشفى ويعودوا إلى المجتمع من خلال العوائد النقدية التي تمكنهم من شراء المساعدة والمساندة الشخصية في أداء الأنشطة الخاصة بالحياة اليومية. و بالرجوع إلى أصولها الممتدة إلى الحقوق المدنية الأمريكية وحركات المستهلك في أواخر الستينات من القرن العشرين، فقد انتشرت تلك الحركة وفلسفتها إلى القارات الأخرى مؤثرةً بذلك على التصور الذاتي والمنظمات والسياسة الاجتماعية.
التـأمين ضد العجز
تعد مساعدة العجز أو معاش العجز إحدى صورالتأمين ضد العجز الأساسية، والتي تقوم الوكالات الحكومة بتوفيرها للأفراد الغير قادرين بشكلٍ مؤقتٍ أو دائمٍ على العمل بسبب العجز أوالإعاقة. ويتم منح مساعدة العجز في الولايات المتحدة الأمريكية تحت بند دخل الضمان التكميلي، وفي كندا، يتم منحها تحت بند المخطط الكندي للمعاش. في حين أنه في بعض الدول الأخرى يتم منح مساعدة العجز تحت بند أنظمة الضمان الاجتماعي. كما أن تكلفة معاش العجز تتزايد وتنمو في الدول الغربية بشكلٍ مطردٍ، خاصةً في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. وقد أفادت التقارير أن معدلات الإنفاق على معاش العجز في المملكة البريطانية المتحدة تم حسابه بنسبة 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1980، ولكنه وصل خلال عقدين من الزمن إلى 2.6% من الدخل المحلي الإجمالي. وقد أوردت العديد من الدراسات في تقاريرها وجود علاقة بين الغياب المتزايد عن العمل بسبب المرض وارتفاع مخاطرة الفشل في توفير معاش العجز. في حين اقترحت إحدى الدراسات في الدنمارك أن المعلومات المتوفرة عن أيام الغياب المبلغة ذاتياً بسبب المرض قد تساعد في التعرف بشكلٍ فعالٍ على المجموعات المحتملة للحصول على معاش العجز في المستقبل. وقد توفر تلك الدراسات معلوماتٍ مفيدةٍ لرجال السياسة والسلطات المتعاملة مع تلك القضايا بالإضافة إلى أرباب الاعمال والأطباء كذلك. و بصورةٍ خاصةٍ يلعب التأمين ضد العجز بهدف الحصول على الفائدة دوراً في توفير دخلٍ للعاجزين والمعاقين، إلا أن البرامج القومية تعد الشبكة الآمنة التي تضم معظم المحتاجين للمساعدة.
رؤية إسلامية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة
لا شك أن منـزلة ذوي الاحتياجات الخاصة من مبادئ الإسلام كسائر ما ينـزل بساحة الفرد أو الجماعة من المسلمين من ابتلاء، وبمقتضى العقيدة الإسلامية ينبغي استقباله على أنه قدر الله عز وجل المكتوب في الأزل لا رادّ له إلا هو، قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) (البقرة:155-157).
مظهر عناية الإسلام بالمعاقين وحقوقهم
الابتلاء سنة ربانية ماضية على ما اقتضى حكمة الرب وعدله: (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)، ومن هؤلاء الذين ابتلوا بالمصائب المعاقون ذو الاحتياجات الخاصة، والإعاقة حقيقتها إصابة الإنسان من آفات أو نقص في بدنه، وفقد بعض حواسه، وعقله وسلوكه، وهذا المبتلى إذا صبر ورضي، وطمأن قلبه كان ذلك خيرا له، فإن البلاء من أوسع أبواب تكفير الخطايا والسيئات، يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَذًى مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ تحاط خطاياه كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا"، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ فِي نفسه ومَالِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وليس عليه خَطِيئَةٍ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ غَمٍّ وَلاَ حَزَنٍ وَلاَ أَذًى حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بها مِنْ خَطَايَاهُ".
أن هؤلاء المعاقون إنسان مثلنا في الإنسانية والبشرية يدخلون في عموم قوله: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)، فهو إنسان مثلك فإعاقته لا تحط من قدر إنسانيته، ولا يجب التكبر والتعالي عليه.
أن الله جلَّ وعلا جعل الكريم عنده من أتقاه وأطاعه، قال جلَّ وعلا: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فأكرمنا أتقانا لله ليس من صحة أبداننا ومظهرنا، وإنما صلاح قلوبنا وأعمالنا، يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأبدانكم؛ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"، إن الرحمة بالإسلام التي تطلب العون والإحسان، وجاءت بها شريعة الإسلام تضرب المثل الأعلى في المحافظة على حقوق الإنسان المعاق أولى بها من غيره، لأن الأمة الإسلامية أمة تراحم وتعاون وتعاطف لا يمكن أن يضيع بينهم معاق يقصره شيء من الأمور والناس في غنى وفضل وراحة.
وللمعاقين في الإسلام حقوق عظيمه أمر الإسلام بمخالطتهم، ونهى عن التقزز عنهم، فإن في مخالطتهم أناسا لهم، وإظهاراً بشعور المحبة والمودة وإنهم إخوانه في الدين والإنسانية يستند إليهم، ويتقوى بهم، وهذا شأن المسلمين في أحوالهم كلها،و أن تهيأ الحياة الكريمة لهم، ليعيشوا مع إخوانهم السالمين في راحة وطمأنينة