كتاب ونقاد ( بطرس البستاني الكبير )
بطرس البستاني الكبير
(1819م ـ 1883م)
مولده ونشأته ـ.
هو بطرس بن بولس بن عبد الله بن كرم ابن شديد بن أبي شديد بن محفوظ بن أبي محفوظ البستاني، بزغ نجم هذا العالم الجهبذ في تشرين الثاني سنة 1819م في الدبية، وتلقى علومه في مدرسة عين ورقة، فاتقن اللغة العربية وفنون الأدب واللغات الإيطالية واللاتينية والسريانية، وقرأ على أساتذة المرسلين الأميركان اللغات اليونانية والعبرانية والإنكليزية واللاهوت وأصول الحق القانوني وبعض العلوم العصرية، وتبع مذهب البروتستان لما رآه من عطف وعناية بأمر تثقيفه وفي سنة 1846م استعان المرسلون به في إنشاء مدرسة عبيه، وتخرج عليه كثير من الطلاب الذين أصبحو فيما بعد علماء أعلام، وفي عهد احتلال إبراهيم باشا للبلاد السورية كان ترجماناً للحملة الإنكليزية التي أجبرت إبراهيم باشا على الانسحاب ألى بلاده.
واتخذه المرسلون الأميركان معاوناً لهم في إدارة شؤون مطبعتهم، فساعدهم في تآليف كثيرة، منها ترجمة التوراة من العبرانية إلى العربية، وفي سنة 1846م تولى الترجمة في قنصلية أميركية وتركها سنة 1862م لولده سليم.
آثاره العلمية ـ.
كان هذا العلامة من قادة الفكر، ومن البارزين في خلق النهضات العلمية، وقد ترك آثاراً تذخر بها المكتبة العربية منها 1 ـ كتاب مصباح الطالب في بحث المطالب 2 ـ كتاب مفتاح المصباح في الصرف والنحو 3 ـ كتاب كشف الحجاب في علم الحساب 4 ـ روضة التاجر في مسك الدفاتر 5 ـ باكورة سوريا في تاريخ أسعد الشدياق 6 ـ محيط المحيط، وهو معجم في اللغة العربية واختصره في (قطر المحيط) فأجازه السلطان عبد العزيز بمنحة مالية مع وسام المجيدي الثالث 7 ـ بلوغ الأرب في نحو العرب، ونقل إلى العربية مؤلفات شتى منها: 8 ـ سياحة المسبحي 9 ـ تاريخ الاصلاح 10 ـ تاريخ أبي الفداء 11 ـ رواية روبنصن كروزي 12 ـ نقح وطبع كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان 13 ـ دائرة المعارف وهو مشروع علمي مبتكر لم يقدم عليه أحد من علماء العربية قبله وبعده، وأخرج في حياته من هذا الأثر النفيس سبعة مجلدات تاركاً إنجاز العمل لهمة أنجاله من بعده، وترجم رسائل دينية وأدبية وتهذيبية.
في حقل الصحافة ـ.
وفي سنة 1846م عين ترجماناً للقنصلية الأميركية في بيروت، ثم أصدر مع ولده سليم أربع صحف شهيرة وهي نفير سوريا والجنان والجنة والجنينة ونشر مقالات في شتى المواضيع ودعى إلى تربية الأولاد والإمساك عن شرب المسكرات.
في خدمة العلم ـ.
لقد كان من أعظم أركان النهضة العلمية في القرن التاسع عشر، وقد رفع شأن العلم والأدب بما تركه من آثار خالدة، وفي سنة 1863م أحدث المدرسة الوطنية التي لقيت نجاحاً وإقبالاً باهراً وتخرج منها نوابغ شرفوا البلاد بمعارفهم ومآثرهم، وكان هو بنفسه يلقي عليهم الدروس مع وفرة أشغاله بالتأليف والمطالعة، وكان رئيساً للجمعية الخيرية البروتستانية وعضواً في عمدة الكنيسة الإنجيلية في بيروت، وعين عضواً فخرياً في المجمع الديني الأعلى في الولايات المتحدة وسمي عضواً في الجمعية العلمية السورية سنة 1852م فعني بتنظيم أعمالها ثم صار عضواً في المجمع العلمي الشرقي آخذاً على عاتقه مراسلة كثيرين في شؤون علمية.
وقد اشتهر في فن الخطابة، وهو أول خطيب تطرق (بحث تعليم النساء).
وطنيته ـ.
ولما وقعت المجازر الأهلية عام 1860م هب يعمل على تأليف القلوب بخطاباته وإنذاراته التي كان ينشرها في (نفير سورية) ثم رأى أن القلوب لا تتفق إلا إذا اعتادت الاتحاد والوئام، فأسس (المدرسة الوطنية) الشهيرة ثم انصرف إلى تأسيس الصحف وتعزيز الجمعيات، وكانت سنوه الأخيرة أوفر أقسام حياته خصباً في الأعمال الأدبية، ففيها ظهرت أعظم مؤلفاته كمحيط المحيط، وقطر المحيط ودائرة المعارف.
وفاته ـ.
وفي مساء أول أيار سنة 1883م وافته المنية إثر نوبة قلبية، وهو في بدء المجلد السابع لدائرة المعارف وقضى حياته في التعليم والتأليف وخدمة الوطن، وقد تبارى الشعراء والخطباء في تأبينه ورثائه منهم الشيخ خليل اليازجي حيث قال:
يا قطر دائرة المعارف والحجىومحيط فضل فاض في إمدادهتبكي العلوم عليك واللغة التيبقريضها ترثيك في إنشادهفإذا المحيط بكاك لم يك دمعهدون المحيط يزيد في ازديادهيبكي الحساب عليك متخذاً لهدمعاً يسيل عليك في إعدادهتبكي المدارس والجرائد حرةوالشرق بين بلاده وعبادهخدم البلاد وليس أشرف عندهمن أن يسمى خادماً لبلاده