مقالة يكتبها اخوانى من اجل تحريض الاقباط ضد السيسى تعرف على اسلوب الاخوان جيدا
لو سألت معظم المسيحيين الأقباط، فسوف يقولون لك إن أي شيء هو أفضل من الإخوان المسلمين. وبالتالي، فإن الدعم المطلق للرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، بين الأقباط لم يكن مفاجئًا. ولكن الآن مع القمع المدمر لحرية التعبير، والحملة واسعة النطاق على الصحفيين والنشطاء، فإنّ دعم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لسياسات ما بعد 30 يونيو قد تعدّ سوءَ تقديرٍ شديدٍ.
فكما تعرف الكنيسة، فإن الأقباط، أيضًا، ليسوا في مأمن من التدابير القمعية للحكومة الجديدة. فقبل أسبوعين، حكم على المدرس القبطي البالغ من العمر 23 عامًا بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة إهانة الإسلام. وفي 23 يونيو، حكم على مراسل تحول للمسيحية بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة ترويج معلومات كاذبة حول التمييز ضد الأقباط. وفي اليوم التالي، تمّ إعطاء قبطيّ يبلغ من العمر 29 عامًا من صعيد مصر حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات لتعبيره عن إعجابه بصفحة فيسبوك أنشأها مجموعة من المتحولين إلى المسيحية.
دعم الأقباط للعلمانية في مصر ينبع إلى حدٍّ كبير من الخوف من الإسلاميين. وربما لم تتخذ إدارة محمد مرسي الفاشلة إجراءات مباشرة تجاه الأقليات، ولكن بالنسبة لكثير من الأقباط فإن سياساتهم وبياناتهم أوحت بأنها لم تكن سوى مسألة وقت قبل أن يضعوا قوانين ملموسة على نطاق واسع. كما إن تمكين القادة الدينيين المتشددين والجماعات الأصولية بعد انتخاب مرسي في يونيو 2012 أثار الخوف بين 10 ملايين من الأقباط في مصر، الذين شعروا أنّهم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث.
كانت المخاوف مبرّرة جيدًا: حيث كان من المتوقع أن يزيد تهميش الأقباط من الحياة السياسية، وكانت الاشتباكات الطائفية بالفعل آخذة في الارتفاع، كما زاد خطاب الكراهية في ذلك الوقت، وكان التدخّل غير المسبوق من الدين في كل جانب من الحياة السياسية والعامة هو الجانب الأهم الذي تسبب الأهم من ذلك كله في اغتراب الأقباط منذ نفى أنور السادات، البابا شنودة الثالث في عام 1981.
ثم حدثت ثورة الـ 30 من يونيو، وفجأة تحرّر الأقباط من حكم الإسلاميين. وبالنسبة لجميع الأقباط -بحسب ما أعلم- كان لـ 30 يونيو مغزى أكبر من ذلك الذي كان لدى المنتقدين للإخوان المسلمين والليبراليين على حد سواء. حيث تجدّد الأمل، وعادت مصر علمانية؛ حيث لن يكون للإسلام السياسي وجود فيها أبدًا مرذة أخرى. وكان الفريق السيسي ليس مجرد قائد عسكري؛ ولكنه كان المنقذ العظيم.
وبعد شهر ونصف، تقطع كلّ أمل إلى أشلاء. ففي 14 أغسطس 2013، قتل حوالي 1.000 شخص في غارات الشرطة على المتظاهرين الإخوان. وتم اعتبار حكام مصر السابقين، العدو رقم واحد للأمة، وبدأ التجريح من جانب كل وسائل الإعلام في البلاد. وشاركتها وسائل الإعلام القبطية، التي نمت شعبيتها بشكل كبير في أوساط المسيحيين من على مدى السنوات الثلاث الماضية، فدعمت الخطاب الحكومي الذي تبنته أيضًا وسائل الإعلام الرسمية والمستقلة على حد سواء لتشويه الحقائق.
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية شاهدت الدماء ولم تفعل شيئًا. ولم تدن الكنيسة في أي مرحلة ما حدث في رابعة العدوية، وبدلًا من ذلك تحسّرت على حرق كنيسة من قبل أنصار الإخوان ورفضت الاعتراف بخطورة ما حدث يوم 14 اغسطس.
في أيامه الأخيرة، تعرض البابا شنودة الثالث لانتقادات شديدة لوقوفه مع عائلة مبارك الحاكم، ودعمه للإدارة المسؤولة عن كل الويلات القبطية. ووعد خليفته، البابا تواضروس الثاني، بتغيير ذلك الاتجاه عندما تولى منصبه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012. وامتنع في البداية عن التورط في السياسة، مفضلًا التركيز في المقام الأول على المسائل الروحانية. ولكن ذلك كان لفترة قصيرة.
في مقابلة تلفزيونية بثّت قبل الانتخابات الرئاسية، رفضَ البابا مناقشة حقوق الإنسان، مؤكدًا أن التقارير الغربية حول تلك موضوعات “غير دقيقة”. وفي تصريحات أخرى مختلفة، شدّد على أهمية استعادة الأمن ودعا إلى “الحرب على الإرهاب”، بغض النظر عن الانتهاكات الصارخة على النشطاء والصحفيين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنتقدي النظام.
وفي حين لم يؤيد بشكل صريح ترشيح السيسي، أعرب بطريرك الكنيسة في أكثر من مناسبة، أن وزير الدفاع السابق هو الرجل المناسب لقيادة مصر في هذه المرحلة غير المستقرة، ووصف الربيع العربي “بالشتاء العربي” الذي تم ترتيبه من قبل “دوافع خبيثة”. وشجع علنًا أتباع الكنيسة للتصويت لصالح التعديلات الدستورية الأخيرة في رسالة فيديو نشرت على الإنترنت في يناير/ كانون الثاني.
على الورق، كان موقف الكنيسة الرسمي هو الحياد، ولكن في الواقع، كان لها موقف أظهرته ونفذته على أرض الواقع محليًّا وخارجيًّا. ففي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، قدمت العديد من الكنائس القبطية حافلات للمصلين -وبعضهم لم يذهبوا إلى مصر منذ عقود- للتصويت لصالح كل من التعديلات الدستورية والانتخابات الرئاسية، في توجيه ضمني لهم بمن يقومون بالتصويت له.
وتابعت وسائل الإعلام القبطية نشر دعمها للتصويت ب “نعم” للسيسي بقوة في القنوات التلفزيونية مثل CTV والكرمة، مشددين على أن التصويت ب “لا” كان مرتبطًا بجماعة الإخوان المسلمين، والسخرية باستمرار من ترشيح حمدين صباحي. وظلت جماعة الإخوان المسلمين في وسائل الإعلام القبطية، أكبر تهديد للأقباط ولا أحد غير السيسي يمكنه القضاء عليها مرة واحدة وإلى الأبد.
وتم إعادة كتابة تاريخ ثورة 25 يناير، والدور المدمر للجيش، من الصفر. ففي يونيو الماضي، عندما سئل عن مظاهرات ماسبيرو القاتلة حيث قتل 25 من المحتجين الأقباط بدم بارد من قبل الجيش، قال المطران بولا إن “علينا أن ننسى ما حدث في الماضي من أجل الأمة”، معترفًا في حديث آخر أيضًا في يونيو/ حزيران أنّ الكنيسة قامت بتعبئة الجماهير للإدلاء بأصواتهم للسيسي. وقال: “نحن لا نلعب سياسة”، وقال في مقابلة في وقت لاحق: “نحن نلعب دورًا وطنيًّا”.
وبعد عام من 30 يونيو، عادت مصر إلى المربع الأول. فوفقًا لموقع “ليكي ثورة”، وهو مبادرة أنشأها المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (ECSER)، تمّ اعتقال أكثر من 40.000 منذ الإطاحة بمرسي، وتمت مقاضاة الصحفيين، والرقابة على الفنانين، وإسكات الأصوات المعارضة بعنف، وأعاد نظام مبارك تجميع نفسه بنجاح، وأصبح الفساد المؤسسي أكثر انتشارًا، وانزلقت البلاد إلي مزيد من الفوضى، وأصبح الخوف هو الشعور السائد اليوم. ويبدو أنّ الديمقراطية لم تكن سوى أضغاث الأحلام: بعيدة المنال، وغير قابلة للتحقيق. فقد قرّرت الكنيسة دعم مرشح ليس لديه برنامج سياسي أو أجندة اقتصادية واضحة، واختارت شخصًا يعيد نفس النظام الذي ابتلينا به من قبل.
ولكن مع الاعتقالات والأحكام الأخيرة على الأقباط، لن تلبث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن تدرك أن الحريات المدنية التي اختارت تجاهلها، وسفك الدماء الذي اختارت أيضًا تجاهله، والنظام الاستبدادي الذي لا تزال تدعمه… كلّ ذلك سيكون الأساس لمزيد من المعاناة لشعبها.