عيد الختان - مذبحة الأبرياء - الهرب إلى مصر
مريم والطفل يسوع، بريشة أنطونيو دي كوريجيو، 1520.
يبدو بحسب الأناجيل أن إقامة مريم ويوسف قد طالت في بيت لحم،[49] فختن الصبي وسمي يسوع في يومه الثامن،[لوقا 21/2] وبعد أربعين يومًا صعدا به إلى أورشليم ليقدماه في الهيكل وفق الشريعة اليهودية، وترتبط التقدمة بأم المولود عمومًا، إذ تتم التقدمة بعد أربعين يومًا لأنها مدة تطهير المرأة التي وضعت مولودًا ذكرًا حسب الشريعة اليهودية، أما لو وضعت المرأة أنثى تطول مدة التطهير ثمانين يومًا،[50] وخلال التقدمة كانت في الهيكل سمعان البار، والنبية حنّة بنت فنوئيل،[لوقا 36/2] الذين أخذا حسب إنجيل لوقا بالتهليل والتسبيح لأنها أبصرا يسوع،[لوقا 26/2] وقدّم سمعان البار نبؤة: ثم باركهما وقال لمريم أم الطفل: ها إن هذا الطفل قد جعل سقوط كثيرين وقيام كثيرين في إسرائيل، وحتى أنت سيخترق سيف الحزن نفسك لكي تنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة.[لوقا 35/2] وستشكل الآيتين السابقتين أساس الاعتقاد الكاثوليكي اللاحق بكون مريم “شريكة الفداء”.
الحدث الآخر اللاحق للميلاد والذي تظهر في العذراء هو زيارة المجوس الثلاثة ويظهرون في بعض الترجمات تحت اسم الحكماء،[51] على عكس ما هو شائع شعبيًا، يعتقد المسيحيون أن زيارة المجوس قد تمت وقد تجاوز عمر يسوع العام أو العامين،[52] وليس مباشرًا بعد الميلاد، (انظر إنجيل متى 16/2) يعتقد بعض اللاهوتيين المفسرين أن المجوس الثلاثة جاؤوا من العراق وربما كانوا من اليهود الذين ظلوا في بابل بعد العودة من السبي، غير أن بعضهم الآخر يعتقد أنهم جاؤوا من الأردن أو شبه الجزيرة العربية أي أنهم كانوا عربًا لأن هداياهم التي قدموها، الذهب والبخور والمر هي من الأشياء التي اشتهرت بها بلاد العرب،[53] ويرى بعض اللاهوتيين أيضًا أن النجم الذي قادهم إلى بيت لحم هو اقتران كواكب المشتري وزحل والمريخ الذي تم بحدود العامين 5 إلى 6 قبل الميلاد:[54] ودخلوا البيت فوجدوا الصبي مع أمه مريم، فجثوا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا ذهبًا وبخورًا ومرًا.[متى 11/2]
بعيد رحيل المجوس أوحي ليوسف عن طريق ملاك في الحلم: قم واهرب بالصبي وأمه إلى مصر وابق فيها إلى أن آمرك بالرجوع فإن هيرودس سيبحث عن الصبي ليقتله. فقام يوسف في تلك الليلة وهرب بالصبي وأمه منطلقًا إلى مصر.[متى 13/2] يشرح إنجيل متى بشكل مفصل عن الأسباب التي دفعت هيرودس الكبير لقتل يسوع ويذكر أنه أمر بأن يقتل جميع أطفال بيت لحم وجوارها من ابن سنتين فما دون لمحاولة القضاء عليه،[متى 16/2] ورغم أن مذبحة هيرودس الكبير المذكورة في العهد الجديد لم يشر إليها في كتابات المؤرخين الأقدمين، إلا أن المؤرخ اليهودي يوسف يذكر أن هيرودس كان سفاحًا دون مزيد من الإيضاح.[55]
نشاطات العائلة في مصر غير واضحة ولا يأت على أي ذكر لها في الأناجيل الأربعة، غير أن التقليد القبطي يذكر أن مدة الإقامة في مصر دامت ستة أشهر وأن العائلة قد استقرت في أسيوط، ويضيف التقليد القبطي خمسة وعشرين موقعًا أغلبها تحوّل إلى كنائس وأديرة شهدت فعاليات العائلة على طريق الذهاب إلى مصر ومن ثم العودة إلى فلسطين.[56]
الهروب إلى مصر، بريشة بيتر بول روبنس، 1614.
جميع أحداث حياة يسوع اللاحقة، حتى بداية حياته العلنية لا يذكر عنها شيئاً في الأناجيل الأربعة، باستثناء ما يذكر في إنجيل لوقا من ضياع يسوع في الهيكل خلال احتفالات عيد الفصح وله من العمر اثني عشر عامًا،[لوقا 44/2] وبعد أن بحثت مريم ويوسف النجار عليه وجدته بعد ثلاث أيام في الهيكل: جالسًا وسط المعلمين يستمع إليهم ويطرح عليهم الأسئلة. فقالت له مريم: يا بني لماذا عملت هكذا؟ فقد كنا أبوك وأنا نبحث عنك متضايقين.[لوقا 48/2] ويختم هذا المقطع أيضًا بعبارة: وكانت أمه مريم تحفظ هذه الأمور كلها في قلبها.[لوقا 51/2] وهي العبارة التي ختم بها مقطع الميلاد؛ علمًا أن العائلة قد استقرت في الناصرة منذ العودة من مصر.[متى 23/3]