ربما هراء فقط.
.
.
بمجرد النظر الى هذا الأنف المكور تعرف تماماً ماهو محتوى أي كتاب عن سيكولوجية الإنسان الكلب، هذه اليقطينة المعلقة في نصف وجهها تخبرنا كمية الوقاحة التي تعيشها هذه المخلوقة الثقيلة ككوكب جديد لا تحتمله الطبيعة، عندما تنام، فإنها ستؤدي واجبها الانساني بتصوف ستتيح بليون تنفس هوائي جديد يقوم بإنقاذ أشخاص على محك الحياة. فهي حتى في حال يقظتها تقوم بشراء الأكسجين ايضاً كما تشتري المعلبات.
لك أن تشاهد طريقة الشخير الصادرة منها إنها أشد جنوناً من نذالة نينا سيمون عندما تبدو ضجرة ولا تود الغناء فتترك الآت الموسيقى تتداعى سوياً محدثة دوياً أخرقاً يشبه النحيب.
تستيقظ مجدداً محاولةً إبقاء الناس في لعنات جديدة، تحاول إرسال زيفها الى الجميع الى أقصى ما
تطاله يديها، حتى هذه النملة التي تجاهد في سبيل التراب، إنها لا تكف عن الضحك عليها كأنها نكتة مطلقة من فوهة مهرج فتركلها بطرف اصباعها بلا اكتراث ملحوظ.
فتحت الخزانة وأخرجت آخر طرد وصلها من صديقة لها في الخارج تخبرها عن كمية الشوق الذي يساورها حيال تلك الأيام التي مضينها معاً، تنتهي الرسالة بالقبلات، بينما هذه الفتاة المضرجة بكل أنواع التكبر لا تأخذ شئ على محمل الجد، تشعل السيجارة وتمررها على الطرد مندهشة ضاحكة بتقلصه وإستحالته الى رماد حيث كانت لا تشاهد الرماد الخالص إلا في أفلام السينما، فهي حتى لو رغبت رماداً سوف تحصل على رماد مزخرف مستورد من دولة أوربية، فهي لن ترضى أن يكون رمادها محلي أو ابن شوارع.
طرقت الخادمة الباب متمنيةً لها استيقاظة لطيفة ،متوددة كما يتودد جميع الخدم تسألها بخضوع يشبه رجاء الرب اذ كان بودها القليل من القهوة أو الشاي الأنجليزي مع بسكويت الزبيب، اختارت الفتاة الصمت فهي تحب أن تشاهد حاجة الآخرين وتذللهم الذي يشعل في روحها رغبة الإستبداد المعدية في الطبقات الثرية، تتمدد تاركة الخادمة تغوص في غرق التردد ولعبة الشك محتضرةً في انتظارها.
تنظر في المرآة فقد كانت جميلة بعناية مالية وليست بعناية إلهية، لكنها تفتقر الى الشعر فقد كانت شبه صلعاء ولن يلزم بابلو نيرودا وقتا ليحتفل بهذا الشعر ويعده شعرة شعرة، كان كافياً أن يتظاهر بتقبيلها فتسقط الباروكة وتظهر العدالة الربانية. بالطبع لا فالعدالة مفقودة عندما يتمتع الأغنياء بكل شئ حتى أنني عندما أجد شاعراً ثرياً فإني اتهمه دائماً بالنصب والسرقة، لكن في الحقيقة الأغنياء يولدون أغنياء والفقراء مخلوقين للفقر.
برجوازية مريضة أرجو من الله أن تدخل خشبات هذا السرير الكافر الى أقاصي أضلاعك، هكذا كانت تردد الخادمة في نفسها محاولة ابداء عكس ذلك على وجهها الذي أحالته البثور الى بطاطا مشوية. ولك أن تتخيل كمية الحروب الناشبة داخل رأس هذه الخادمة المسكينة، إزاء صمت الفتاة الذي يقرصها بالاحتمالات.
ما أحفل الحياة بالمصائب لك أن تتمنى أن تكون إلهاً ليكون باستطاعتك الوقوف على سقف هذه الحجرة التي تقبض على الضدين ولك أن تتمتع بإرسال العقاب والثواب.
الحياة لونين فقط الأبيض الغني والأسود الفقير، أما بقية الألوان فهي سوائل وتداعيات نفسية تخرج استناداً على مواقفنا ونظراتنا تجاه الحياة.
لك أن تقابل نيثن أحد مشردين جادة آيوا لتعرف كيف يكون لون الحياة الأسود، بمجرد النظر الى هذين العينين الخائبتين تستطيع عد كراتينه المكتوب عليها أنا جائع و المعدّة للتسول بها في المنطقة التجارية وسط المدينة، لك أن تقبض على هذا الوسخ الذي تحت أظافره كي تبتعد عن لومه عندما يصف الحياة بالمجاري، لك أن تقف مصلوباً كالمسيح عندما تسأله مالون حبيبتك فيرد، سوداء تشبه الموت.
في حين أن الوسيم هانك إبن الطبقة الوسطى سوف يقوم بتحليل الألوان بطريقة عادية تشبه عشوائية طريقتة لربطة العنق ومع ذلك فهو ربما لن يتجاوز اللون الرمادي، فإذ سألته مالون الحظ مثلاً ربما ستعيق أرنبة أنفه النظر الى لون الحظ وسيحاول التفكير بطريقة أكاديمية ليبدو مثيراً لك لكنه أيضاً لن يتجاوز الرمادي الى القرمزي أبداً.
أما الحال يختلف مع رجل الأعمال كارل، فكم تبدو إجابته فلسفية فذة، فهو لم يبدُ مزيفاً ولا متردداً كانت يداه مشربة بالحمرة كأنها كبد خاروف طازجة، استطعت من طريقة حديثة أن أعرف مالون الكون بالنسبة له فقد كان أبيضاً متطوراً، أبيضاً تستطيع التحكم به لتحيله الى قوس قزح متحضر، استطعت حتى أن أعرف مالون المعطف الذي تلبسه زوجته أثناء المطر فقد كان أصفراً مزعجاً يشبه الصفعة، لكنه جميل وحرّ.
تقف أخيراً الفتاة بعد أن اصابها الملل من الجلوس على فراشها الوثير فقد كان قطناً خالصاً كشفاه رضيعة، تقف فيقف قلب الخادمة ولكأنه يوم القيامة، رغم أن وجه الفتاة لا تبد عليه علامات الغضب، لكن همجية الأغنياء تجعل وجوههم جلفة حتى وإن ادّعوا عكس ذلك، لك أن تتخيل كمية التبول اللاإرادي الذي سوف يحدث في لحظة الصمت هذه، عندما تمر الفتاة ويلمس كتفها كتف الخادمة عند باب الحجرة، لك أن تتخيل كيف تداعت كل الأحلام والحقائق من رأس الخادمة وهي تظن أن صمت هذه الوغدة يعني أنها سوف تفقد مصدر العيش وسوف تحال مجدداً للتسول ولن تستطيع بذلك دفع ثمن الغرفة المستأجرة ولا ثمن مدرسة طفلها، ولا ثمن الفواتير المؤجلة، ولا ثمن الحياة أيضاً.
مضت الفتاة للاستحمام لتغسل جسدها المذنب بالثراء غير آبهة بما حدث،
بينما ظلت الخادمة متخشبة من فرط القلق، عائمة في سؤال يستعبدها في هذه اللحظة تحديداً من سيغسل قلبي أنا؟