الإدمان مشكلة اجتماعية خطيرة
الإدمان مشكلة اجتماعية خطيرة من المشاكل التي تواجه المجتمع المصري خصوصاً في الفترة الأخيرة وذلك بعد تواجد المخدرات بصورها المختلفة من مخدرات تقليدية (التي لها أصل نباتي مثل الحشيش والبانجو) والمخدرات المصنعة التي يؤدي استعمالها إلي سرعة ظهور علامات الإدمان من النواحي الجسمانية والنواحي النفسية لأن المخدرات المصنعة يكون تركيز المواد المخدرة بها بنسبة عالية مما يؤدي إلي الإدمان بسرعة أكبر وتكون آثارها التدميرية علي الجهاز العصبي أسرع من المخدرات الطبيعية
وللإدمان أسباب عديدة منها أسباب نفسية وأسباب جسمانية حيث تؤدي الأمراض الجسمانية التي تسبب الألم الشديد المتكرر مثل المرض الكلوي وبعض الكسور إلي إدمان المسكنات مثل المورفين إذا ما استمر الإنسان في استعمالها بإفراط وبدون أشراف طبي دقيق من الطبيب المعالج .
وهناك أيضاً أسباب نفسية وعقلية للإدمان مثل القلق النفسي وأمراض الاكتئاب والفصام التي تؤدي إلي هروب الإنسان إلي الإدمان كذلك فإن اضطراب الشخصية يعتبر من العوامل التي تؤدي إلي الإدمان حيث تتصف شخصية المدمن بالاعتماد علي الغير والرغبة في تحقيق ما يريده فوراً وعدم القدرة علي تحمل أعبـاء الحياة البسيطة وعدم القدرة علي التعبير عن الغضب والقلق والتوتر .
وعلاج الإدمان يعتمد علي رغبة المدمن في الشفاء والالتزام بالبرنامج العلاجي ويستطيع الطبيب التنبؤ بنجاح علاج المدمن ... فكلما بدأ الشخص في تعاطي المخدرات في سن مبكرة كلما زادت احتمالات الفشـل وانتكاس المرض مرة أخرى .
ومن العوامل التي تؤدي إلي سرعة الانتكاس بعد العلاج هي اضطراب الأسرة وعدم الاستقرار الاجتماعي وعدم الاستقرار في عمل محدد والظروف الاقتصادية السيئة والعجز عن تكوين صداقـات جديدة والإصابة بالأمراض النفسية أو العقلية المزمنة .
وفي أقسام الإدمان في المستشفيات يقابل الطبيب النفسي الكثير من النماذج - المرضية التي أدمنت المخدرات ومن خلال عملي في هذه الأقسام لاحظت أن هناك عامل مشترك بين المرضي ويجمع الكل عليه حيث يؤكد أغلب المرضي أنهم ليسـوا بمدمنين بالمعني المعروف عن الإدمان وأن لديهم القدرة علي التوقف عن الإدمان في أي لحظة ... وأن الأسرة لم تستطيع أن تفهمه وأنهم لو تركوه في حالة لكان قد توقف عن الإدمان .
وبسؤال المدمن عن معني الإدمان فأنه يشير إلي ذلك الشخص الذي لا يستطيع التوقف عن التعاطي والذي يتعاطى المخدرات بصفة دائمة ولا يستطيع القيام بأي عمل والذي تظهر عليه علامات الانسحاب إذا توقف عن التعاطي ولكنه يشير إلي أنه استطاع التوقف عن التعاطي لمدة يوم أو يومين وان لديه القدرة علي الامتناع ولكنه يرجع للإدمان بسبب ظروف خاصة .
وهنا يظهر أن لدي تلك الفئة من الشباب نوع من أنواع التشوه الإدراكى عن مشكلة الإدمان لأن الإدمان حسب تعريف منظمة الصحة العالمية هو حالة من التسمم الدوري أو المزمن الضار بالفرد والمجتمع وينشأ بسبب الاستعمال المتكرر للعقار الطبيعي أو المصنع ويتصف بقدرته علي إحداث رغبة أو حاجة ملحة لا يمكن قهرها أو مقاومتها للاستمرار علي تناول العقار والسعي الجاد للحصول عليه بأية وسيلة ممكنة ، لتجنب الآثار المزعجة المزمنة علي عدم توفره ، كما يتصف بالميل نحو زيادة كمية الجرعة ، ويسبب حالة من الاعتماد النفسي أو العضوي علـي العقار ، وقد يدمن المتعاطي أكثر من مادة واحدة " .
ومن مناقشة هذا التعريف مع المرضي المدمنين ومناقشة كيف أن الاعتماد علي المواد الكيميائية والمخدرات استمر معهم مدة من الزمن وأنهم لم يستطيعوا التوقف عن التعاطي أكثر من عدة أيام وبعدها رجعوا للتعاطي مرة أخرى ... وأن هناك أنواع من المخدرات تؤدي إلي الاعتماد النفسي أكثر من الاعتماد العضوي وبذلك فأنهم وقعوا في دائرة الإدمان .
وكما ينكر الكثير من الشباب أنهم مدمنين فإن أكثر الأسر تنكر أنها مسئولة عن وقوع أبنائها في دائرة الإدمان حيث بينت الدراسات أن 97 % من المدمنين ينتمون إلي أسر مفككة أو منهارة بسبب الطلاق أو الهجر .
ويؤثر إهمال الآباء لأبنائهم وعدم اهتمامهم بمشاكلهم وبمستقبلهم وعـدم إظهار المحبة لهم وتركهم يفعلون ما يشاءون دون توجيه أو مساعدة بحيث يضيع الأبناء في بحر الحياة المتلاطم ...كل ذلك يؤثر علي الأبناء وعلي نفسيتهم وشخصيتهم بشكل سلبي خاصة لا يجد الابن من يلجأ إليه عند الضرورة فيقبـل علي المخدرات كملاذ يخدر له أحاسيسه القلقة تجاه واقعة المرير .