قصة فيلم «أَماديوس»
هُوَ فيلْمٌ موسيقِيٌّ أُنْتِجَ عامَ 1984، أَخْرَجَهُ ميلوش فورمان، وَكانَ قَدْ أَحْدَثَ ضَجَّةً كَبيرَةً في عالَمِ هوليوود. قِصَّةُ ٱلْفيلْمِ مَبْنِيَّةٌ عَلى رِوايَةِ ٱلْكاتِبِ «بيتر شافر» ٱلَّذي يَرْوي قِصَّةَ حَياةِ فولفغانغ أَماديوس موتسارت وَأنتونيو سياليري، وَهُما موسيقارانِ عاشا في فيينا- النَّمْسا خِلالَ ٱلنِّصْفِ ٱلْأَخيرِ مِنَ ٱلْقَرْنِ ٱلثّامِنَ عَشَرَ.
هٰكَذا عَرَّفَ نَفْسَهُ موتسارت:«لا أَسْتَطيعُ أَنْ أَكْتُبَ ٱلشِّعْرَ، فَأَنا لَسْتُ شاعِرًا وَلا أَسْتَطيعُ أَنْ أُقَسِّمَ عِباراتي كَتَقْسيمِ ٱلنُّورِ وَٱلظِّلِّ. أَنا لَسْتُ رَسّامًا، وَلا أَسْتَطيعُ حَتّى أَنْ أُعْطي ٱنْطِباعًا حَوْلَ أَفْكاري وَمشاعِري بِٱلْإِشاراتِ وَٱلتَّمْثيلِ. أَنا لَسْتُ راقِصًا، لٰكِنْ أَسْتطيعُ أَنْ أَرْقُصَ مَعَ ٱلنَّغَماتِ.. أَنا موسيقِيٌّ!»
نالَ ٱلْفيلمُ طابِعًا مِنَ ٱلدّراما ٱلرّاقِيَّةِ وَظَهَرَ كَعَمَلٍ مُخْتَلِفٍ مُقارَنَةً بِٱلْأَعْمالِ ٱلْفَنِيَّةِ ٱلْأُخْرى ٱلَّتي عَرَّضَتْ حَياةَ ٱلْموسيقيينَ ٱلْعُظَماءِ. اَلْفيلْمُ يَأْخُذُنا إِلى مُقْتَطَفاتٍ لِذِكْرَياتِ موتسارت، اَلْفَتى ٱلْعَبْقَرِيِّ ٱلَّذي أَلَّفَ أَجْمَلَ ٱلْمَقْطوعاتِ ٱلْموسيقِيَّةِ حَتّى أَصْبَحَ فَنّانًا عَظيمًا. تَمَيَّزَ ٱلْفيلْمُ بِسينارْيو قَويٍّ وَمُذْهِلٍ وَبِأَداءٍ رائِعٍ. قَبْلَ إِخْراجِهِ، تَمَّ إِنْتاجُ مَسْرَحِيَّةٍ لِبيتر شافر ٱلَّذي كَتَبَ ٱلرِّوايَةَ، وَقَدْ تَعاوَنَ ٱلْمُخْرِجُ ميلوس فورمان مَعْ كاتِبِ ٱلْمَسْرَحيَّةِ لِيَقومَ بِتَقْديمِ نَسْخَةٍ سينمائِيَّةٍ شَبيهَةٍ بِٱلْواقِعِ. بِخِلافِ ٱلْمَسْرَحيَّةِ، أَضافَ فورمان ٱلْحياةَ وَٱلْفَنَّ لِمادَّةِ ٱلْمَسْرَحيَّةِ، وَأَظْهَرَهُ أَكْثَرَ إِنْسانيَّةً مِنْها.
لَمْ يَتِمَّ إِظْهارُ شَخْصيَّةِ موتسارت في ٱلْفيلْمِ كٱلرَّجُلِ ٱلْخارِقِ، وَإِنَّما ظَهَرَ ٱلْجانِبُ ٱلْفَوْضَوِيُّ وَٱلْبَذيءُ مِنْ شَخْصِيَّتِهِ، كَما وَظَهَرَ كَرَجُلٍ غَيْرِ ناضِجٍ وَشَبيهٍ بِٱلْأَطْفالِ، وَتَمَيَّزَ بِضِحْكَةٍ سَخيفَةٍ رَافَقَتْهُ طَوالَ ٱلْفيلْمِ. قامَ بِهٰذا ٱلدَّوْرِ «توم هولس» ٱلَّذي أَثْبَتَ أَنَّهُ كانَ ٱلرَّجُلَ ٱلْمُناسِبَ لِهٰذا ٱلدَّوْرِ، فَقَدْ أَتْقَنَهُ وَأَظْهَرَ بَراعَةً مُلْفِتَةً. كانَ موتسارتُ شابًّا مُهْمَلًا لٰكِنَّهُ مَليءٌ بِٱلْبَهْجَةِ وَٱلسُّرورِ وَفَخورٌ بِما كانَ يَمْلُكُ. إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُدْرِكُ ٱلْأَذى ٱلَّذي كانَ يَتَسَبَّبُ بِهِ لِلْموسيقيِّ «سالييري» وَلِغَيْرِهِ مِنَ ٱلنّاسِ. رَكَّزَ ٱلْفيلْمُ عَلى عَلاقاتِ موتسارت مَعَ والِدِهِ، زَوْجَتِهِ كونستانزا فيبر وسالييري ٱلْموسيقيِّ. عَلى ٱلرَّغْمِ مِنْ بَراعَةِ أَدائِهِ وَتَأْليفاتِهِ ٱلْكَثيرَةِ ٱلَّتي بَلَغَ عَدَدُها 626 عَمَلًا موسيقيًا، كانَ والِدُهُ صَعْبَ ٱلْإِرْضاءِ وَلا يُعْجِبُهُ شَيءٌ، وَذٰلِكَ أَثَّرَ بِشَكْلٍ غَيْرِ مُباشِرٍ عَلى نَجاحِ موتسارت. أَمّا زَوْجَتُهُ فَكانَتْ شَخْصيَّتُها مَرِحَةً وَتُحِبُّ زَوْجَها وَتُحاوِلُ تَقْديمَ ٱلنَّصائِحِ ٱلَّتي تُساعِدُهُ في عَمَلِهِ. وَأَخيرًا يَأْتي سالييري، ٱلَّذي عَذَّبَتْهُ موسيقى موتسارت بِشَكْلٍ كَبيرٍ، أَوْلًّا لِأَنَّهُ حادُّ ٱلذَّكاءِ وَكانَ يَرى ٱلْأُمورَ مِنْ مَنْظورٍ لا يَراهُ ٱلْآخَرونَ، وَأَيْضًا لِأَنَّهُ كانَ يَعْلَمُ بِأَسًى شديدٍ أَنَّ موسيقاهُ لَيْسَتْ بِجودَةٍ عالِيَةٍ، بَيْنما موسيقى موتسارت لَيْسَ لها مَثيلٌ. حازَ ٱلْفيلْمُ عَلى 8 جَوائِزِ أَوسْكارَ عامَ 1984، وَٱعْتُبِرَ مِنْ أَفْضَلِ ٱلْأَفلامِ ٱلَّتي تَنْقُلُ مُشاهديها بِبَراعَةٍ بَيْنَ ٱلْكوميديا وَٱلتّراجيديَّةِ.