ثقافة الجهل فى زواج المصريين ...
مجتمع يدعي محاربة الطبقية، رغم طبقيته التي يتباهى بها، ليصبح الفصام هو العامل المشترك بين غالبية المصريين، وحديثي ليس عاما، بل مخصصا للزواج وطقوسه التي يبرع فيها المصريين جميعا.
بداية.. “المقارنة” دائما تفشل، لأن مقارنة الفتاة بابنة خالتها التي جاءت لها “شبكة” بمئة ألف جنيه، ستجعلك عانسا مع سبق الإصرار، وقضية أن يكون فرحك بقيمة 100 ألف جنيه أخرى لأن بنات العائلة يتزوجن بهذه الطريقة سيرسخ فكرة عنوستك أكثر، فلا داعي للمقارنة بين أحد، لأن ظروف كل شخص تختلف عن الأخر، وطالما أن الزواج للراحة النفسية والحياة المستقبلية السليمة، فلا يجوز أن يحدث بها اشراك لشخصيات أخرى، لا فائدة منها ولا ضرر.
السن.. لو عدنا إلى الدين لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة خديجة رضي الله عنها وهي تكبره بخمسة عشر عاماً، ولكن في مصر فقط لو كان عمر الفتاة أكبر من الشاب بـ 6 أشهر لا تتزوجه، ويتعللوا بهذا بان السيدة تفقد جمالها بعد الحمل، وكأن هذه الأشهر أو حتى العام سيجعل الحياة كئيبة لا يرى فيها الزوج أي جمال، مع العلم أن التقدم الطبي، والرياضة، والحمية الغذائية، والعناية الصحية، والتجميلية، أصبحوا سببا لظهور السيدة جميلةٌ في أي عمر.
طالما أن فارق السن أزمة لدى البعض، فأرى أنه على المرأة وضع محاذير مماثلة، لان الرجل يصبح أكثر سمنة بعد الزواج، لذا لا يجب أن تتزوج شخصا عليه أثار السمنة ولو بـ”كرش” صغير، حتى لا يكبر ويصبح “حاملا” مثلها، ويشوه المظهر الجمالي للعائلة، وأيضا لو كان يعمل في وظيفة لا تحقق دخلا قويا فلا تقبل به، ولا تفكر في أن تكون “جدعة”، لأن هذه مشكلته الخاصة ويجب عليه حلها، وطالما يتحدث عن المظهر بعد الحمل، فعليها التحدث عن حياتها المالية طوال حياتها.
”زواج المنظرة” هو الأساس، فلا يجوز مثلا أن يتزوج شاب من كلية الطب بفتاة من كلية التجارة، لأن التكافؤ العلمي يجب أن يكون موجودا، رغم أنه عاطلا ولكن “المنظرة” ضرورية حتى تعطي له قيمة وسط عائلته واصدقائها.
”هجوزك ست ستها”، و”هجوزك سيد سيده”، امثلة لخلق مجتمع شبابي لديه عقدة الغرور، لان الفتاة تعتقد أنها ملكة الكون وما فيه، وأن الرجل يتهافتون عليها من كل حدب وصوب حتى ينظروا لوجهها الملطخ بالمكياج، ثم ينتحرون حزنا لأنها لم تبادلهم نظرة الإعجاب، وبالمثل يعتقد الشاب أنه “سي السيد” ولو طلب يد كاثرين زيتا جونز ستقبل به ببساطة وستوافق على العيش معه في بولاق، بل وستقبل بمنتهى الأريحية أن تترك هوليوود لتربي له أولاده “سيد” و”سيدة”، رغم أنه لو ذهب ليطلب يد ابنه خالته سترفضه لأنه عاطل، ولازال يأخذ مصروفه من والده، ولا يتحمل مسؤولية نفسه، ولكنه تربى على الغرور، وأنه “ملك زمانه” فلا يحس بعيوبه، وبالمثل الفتاة.
الشاب يعتقد أنه من حقه وجود فتاة “جدعة” بجانبه، وتساعده في الخطوبة، أو بعد الزواج، وأن هذا ليس “شهامة” منها، بل فرضا وواجب لا شكر عليه، لأنه تربى على أن المجتمع ينظر للفتاة على أنها كائن ناقص يجب وضعه في المنزل لينظف ويطبخ ويقوم معه بعلاقة حميمة حتى يصبح لديه كائنات أخرى تشبهه.
”ده ساكن أو دي ساكنة في مكان بيئة”.. أحاول منذ فترة طويلة البحث عن مرادفا لكلمة “بيئة”، ولكن لم أجد شيئا مشينا حقيقة، لكن الكلمة أصبحت تساوي بفهم المجتمع مكان المعيشة المحاط بالبلطجية، وبائعي المخدرات، ولا مانع من وجود بائعي الديناصورات الذين يتغذون على البشر، وغالبا ما تقال هذه الكلمة على بعض المناطق مثل “بولاق”، أو “السيدة”، أو الجيارة”، أو “إمبابة”، أو “الكوم الأخضر”، والكثير من المناطق الأخرى، ورغم أني ذهبت إلى هذه المناطق كثيرا ألا أني لم أجد ما يخيف فيها، بل وجدت شهامة ورجولة من شباب هذه المناطق، وعلى النقيض رأيت في أماكن “نظيفة” - بحسب تعبير البعض – شخصيات تتعامل بسوقية، وبانعدام شهامة، وعدم رجولة نهائيا، بل وشاهدت فتيات يسببن بطريقة فجة رغم أنهن يستقللن سيارات فارهة، مما يعني أن البيئة هي الفكر وليس المكان.
شاهدت كثيرا شبابا وفتيات بمناطق شعبية ولديهم فكرا حقيقيا ويتعاملون برقي وذوق عال، لا أجده في اماكن أخرى، ولكن في الزواج يعتقد الشاب أن الفتاة لو كانت من منطقة شعبية فهذا ينتقص منها، والشاب بالمثل، رغم أن البعض لو بحث في تاريخه لوجد أصله ليس كما يدعيه الأن، ولكن “المنظرة” هي الحاكمة في الزواج.
المستوى المالي أساس بعض الزيجات، لأن بعض العائلات تبحث لابنتها عن الأمان المادي، وهذا قد يجدوه في الزواج من تاجر مخدرات، ولو كان رجلا ويبحث عن عروس فعليه بالزواج من ابنة هذا التاجر، فطالما كان المال دافعا فلا داع للبحث عن غيره !