الجيولوجيا في العصر الحديث:
ابتدأ التفكير الجدّي في المسائل الجيولوجية في منتصف القرن السابع عشر حينما قدم الطبيب الدانمركي الذي كان
يعيش في مدينة فلورنسا في إيطاليا نيقولا ستينو Nicolaus Steno (1638 ـ 1686 م) أفكاره فيما يتعلق بالجبال
وتكونها، وكان هذا العالم يعتبر أن هناك ثلاثة أنواع من الجبال هي الجبال البركانية والجبال المتكونة عن عوامل التعرية
والجبال التي تكونت نتيجة لحركات رفع وانهيار للطبقات الأرضية أي الجبال التي تكونت نتيجة للتصدع.
أما العالم الإيطالي جيوفاني أردوينو Giovanni Arduino (1714 ـ 1795 م) فكان يقسم الجبال إلى ثلاثة مجاميع،
والصخور المكونة للأرض إلى أربعة أنواع بما فيها المجاميع الثلاثة من الجبال، وكان أردوينو يميز الجبال بحسب الصخور
التي تكونها وتعتبر النتائج التي توصل إليها أردوينوهي الأساس في التسمية المستعملة حتى الآن عند بعض
الجيولوجيين في تقسيم الزمن الجيولوجي إلى الحق الأول Primary Era والحقب الثاني Secondary Era والحقب
الثالث Tertiary Era والحقب الرابع Quaternary Era. وتعتبر دراسات أردوينو نقطة انتقال مهمة في تطوير علم
الجيولوجيا.
ثم انتقل مركز ثقل الأبحاث الجيولوجية من إيطاليا إلى ألمانيا وانجلترا، وكان في ألمانيا عدد من الجيولوجيين البارزين
مثل يوهان جوتلوب لهمان Johann Gottlob Lehmann (1719 ـ 1767) وبيترسيمون بالاس Peter Simon Pallas (1741 ـ
1811) الفرنسي الأصل الألماني الجنسية، وجورج كريستيان فوكسيل George Christian Fuchsel (1722 ـ 1776) وقد
أضافوا ملاحظات هامة لتقسيم الصخور الذي كان يتبعه العالم أردوينو. وبرز أيضاً العالم الألماني إبراهام جوتلوب فيرنر
Abraham Gottlob Werner (1750 ـ 1817)، وقد حوِّر فيرنر تقسيم أردوينو وأتباعه للصخور وكشف عن خمسة أنواع
من الجبال المنقولة والجبال البركانية. وقد اشتهر فيرنر وأتباعه في تاريخ علم الجيولوجيا باسم النيتونيين Neptunists
إشارة إلى نبتيون إله البحر عند الإغريق، لأنهم كانوا يعتقدون أن معظم الصخور أصلها من البحر. وكان العالم
الاستكتلندي جيمس هاتون James Hutton (1726 ـ 1797) من أبرز الشخصيات الجيولوجية، وكانت ملاحظاته هي
الأساس التي تمكن بواسطتها من وضعه لنظرية الوتيرة الواحدة Uniformitarianism التي تنص على أن الحاضر مفتاح
الماضي، وهذه النظرية هي الشرارة التي فتحت وعى العلماء لوضع الأسس الحديثة لفهم تاريخ الأرض.
ويعتبر العالم الفرنسي البارون جورج ليوبولدكوفييه Baron Georges Cuvier (1769 ـ 1832) مؤسس علم تصنيف
الفقاريات والحفريات الفقارية، وشيفالييه جان باتست دو لامارك Chevalier Jean Baptiste De Lamarck (1744 ـ 1829
م) مؤسس علم الحفريات اللافقارية.
ويعتبر المساح البريطاني وليم سميث William Smith (1769 ـ 1839 م)، أول من فكر في استخدام الحفريات لمعرفة
طبقات الأرض وقد نتج عن ذلك تقسيم صخور القشرة الأرضية إلى نظم أو مجموعات، كل نظام يمثل صخوراً تكونت في
فترة زمنية محددة من تاريخ الأرض. وتمكن الجيولوجيون الأوروبيون في الفترة من 1822 إلى 1879 م من ترتيب معظم
صخور القشرة الأرضية الحاوية للحفريات في عمود جيولوجي Geologic Column.
ويعتبر حسن صادق (1891 ـ 1949 م) رائد الجيولوجيا في مصر في العصر الحديث. وكان إماماً وحجة في الجيولوجيا
المصرية وله فيها مؤلفات وبحوث وخرائط لا تزال من أثمن المراجع للمؤلفين والباحثين.
الأحجار الكريمة وشبه الكريمة
FGemstones Semi-precious
هي المعادن والصخور النادرة الوجود التي تتميز بقوة الاحتمال والخمول الكيميائي، والجمال اللافت للنظر، ومعظمها له
درجات صلادة تقع بين 7 و10 حسب مقياس «موه» لقياس الصلاة. وتتميز الأحجار الكريمة بخاصية مهمة هي اللون
Colour وعرض الألوان Play of colours. وبهذه الخاصية يصدر المعدن ألواناً مختلفة في تتابع سريع عندما يدار المعدن
ببطء أو عندما نحرك العين بالنسبة إلى المعدن ذات اليمين أو ذات اليسار، مثال ذلك معدن الألماس الذي يعطى عرضاً
للألوان نتيجة لقوة التشتت الضوئي dispersion في معدن الألماس. وتتميز الأحجار الكريمة كذلك بخاصية الأوبالية
Opalescence التي يظهرها معدن الأوبال، وتنتج الألوان المتلألئة من الانعكاس الداخلي للمعدن، وكذلك خاصية عين
الهر Chatoyancy التي تظهر في معدن الأجيت agate، وهي ظهور بريق متموج يتغير لونه وتتغير شدته باختلاف اتجاه
النظر. وبعض الأحجار الكريمة لها خاصية التضوء Luminscence أي أن المعدن يصدر عنه ضوء، وخاصية التفلور Fluorite
الذي تبدى بعض أنواعه هذه الخاصية. أما إذا استمرت ألوان الضوء عقب زوال المؤثر فإنها تعرف باسم التفسفر
Phosphorescence. وقد لوحظت خاصية التفسفر عندما تعرضت بعض المعادن لضوء الشمس، فلما نقلت إلى حجرة
مظلمة أظهرت ألواناً ساطعة جذابة. ومعظم الأحجار الكريمة، الذي يترتب عليه انعكاس كمية من الضوء الساقط على
أوجه البلورة أكثر من تلك التي تنعكس على أوجه البلورات ذات معامل الانكسار المنخفض، وتعد صناعة قطع الأحجار
الكريمة من الفنون العلمية الراقية التي تتطلب ذوقاً رفيعاً. وهناك أحجار شبه كريمة Semi- precious، ليست لها
القيمة التي للألماس، ومنها الياقوت الأصفر (التوباز) Topaz. ومعظم التوباز الذي يبيعه تجار المجوهرات ليس توبازا
حقيقيا لكنه ضرب من الكوارتز الأصفر، ويميز بينه وبين التوباز الحقيقي: أن الأخير له خاصية التكهرب بالاحتكاك، كما أنه
أعلى صلادة من الكوارتز وأكبر كثافة كذلك. وأشهر مواطن استخراج التواباز البرازيل وجبال الأورال في روسيا.
وهناك أيضاً التورمالين Tourmaline، ودرجة صلادته 5ر7 تقريباً وتوجد منه ثلاثة ضروب هي: الزبرجد السيلونى وهو
التورمالين الأصفر Cylonese peridot، والزمرد البرازيلي ولونه أخضر Brazilian emerald، وهناك ضرب لونه بني. وأهم
مواطن استخراج التورمالين البرازيل ومدغشقر وسيلان. ومن أهم الأحجار شبه الكريمة العقيق الأحمر (الجارنت
Garnet)، وصلادته حوالي سبعة، ومعامل انكسار الضوء فيه 75ر1، والبلورات الكاملة لها قيمة كبيرة، وقد تتخذ البلورات
ألواناً عديدة، منها الأخضر والأصفر والأحمر، لكن أشهرها على الإطلاق الجارنت الأحمر. ومن الأحجار شبه الكريمة
الزبرجد Peridot وتركيبه الكيميائي سليكات المغنسيوم والحديد، وصلادته حوالي 7، ومعامل انكسار الضوء فيه 7ر1،
وهو ضرب من معدن الأوليفين المعروف، لكن لونه صاف جميل نتيجة لوجود الحديد به في حالة الحديدوز، ويوجد الزبرجد
في جزيرة سان جونز أو جزيرة الزبرجد بالبحر الأحمر، كذلك يوجد في منطقة جبل زبارا جنوب مدينة القصر بالصحراء
الشرقية المصرية.
أما الفيروز Turquoise الذي تبلغ صلادته 6، فيوجد في نيسابور بإيران كما يوجد بالمكسيك وأريزونا وروسيا. ويوجد في
مصر في بعض صخور الحجر الرملي من العصر الكربوني في عدة أماكن من وسط سيناء، حتى أن شبه جزيرة سيناء
كانت تسمى قديماً أرض الفيروز.
هناك أيضاً حجر القمر Moonstone الذي يعتبر ضرباً من معدن الميكروكلين، وحجر اللازورد Lapis-lazuli الذي يوجد على
هيئة حبيبات دقيقة منتشرة في بعض الأحجار الجيرية المتبلورة المتحولة، وأحسن عيناته تأتي من أفغانستان ومن سيبريا.