تحقيق النبوات في ميلاد الرب يسوع = 7 = لنيافة الأنبا بيشوى
من سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان - لنيافة الأنبا بيشوى
نورًا تجلى للأمم
إن السيد المسيح في نظر الآب هو الابن الوحيد الذي سُرّت به نفسه وكما يقول الكتاب "هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سُرّت به نفسي. أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق" (مت12: 18). وأيضًا في سفر الأعمال قال "ولتُجرَ آيات وعجائب باسم فتاك القدوس يسوع" (أع4: 30).
فكلمة "نورًا للأمم" تعنى أن الخلاص ليس لشعب إسرائيل فقط، وإن كان الله قد ذكر هذا الكلام في العهد القديم. وكان اليهود يعتبرون أنفسهم أنهم شعب الله الخاص. والله نفسه كان يتحدث إليهم باعتبارهم شعبه الخاص. ويقول الكتاب "والآن هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب وجابلك يا إسرائيل لا تخف لأني فديتك، دعوتك باسمك، أنت لي. إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلذع واللهيب لا يحرقك. لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل مخلصك" (أش43: 1-3).
فكان الكلام موجهًا لإسرائيل. لكن في خلال كلامه في الإصحاح السابق بنفس السفر يقول "نورًا للأمم". وكذلك عند حمل سمعان الشيخ السيد المسيح قال "نورًا تجلى للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل" (لو2: 32). فمن الواضح أن الله له قصد في أن يدعو الأمم إلى ميراث الحياة الأبدية، وإلى أن يكونوا رعية مع شعب إسرائيل الذي يقبل ويؤمن بمسيحه. فتكون رعية واحدة لراعٍ واحد.
تعامل الله مع الأمم
لقد بدأ الله يتعامل مع الأمم في وقت ميلاد السيد المسيح بطريقة لطيفة جدًا. فقد كان يوجد أشخاص حكماء في بلاد المشرق أي ناحية فارس، ويسمون المجوس. وهم حكماء المملكة. وكان عملهم رؤية الأفلاك، وحساب الأزمنة.. وكان بعضهم يعمل في التنجيم. فعندما أُخذ شعب إسرائيل إلى السبي من مملكة بابل، وأصبحوا تحت حكم مملكة فارس، كان دانيال النبي موجودًا في البلاد في ذلك الوقت. وقد اختاره الملك لأنه وجد فيه "روح الآلهة القدوسين" على حسب قوله، والمقصود روح الله. وعيَّنه كبيرًا للمجوس أي كبيرًا للحكماء. وفي هذه الأيام كتب دانيال النبي السفر وبه نبوات كثيرة عن السيد المسيح. مثل النبوة التي قال فيها "سبعون أسبوعًا قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين" (دا9: 24).
المجوس يترقبون مجيء المخلص
إن النبوات التي في سفر دانيال كانت تتكلم عن ميعاد ميلاد السيد المسيح. فيقول سبعون أسبوعًا أي 490 سنة ونطرح منها أسبوع فيكون 483 سنة والسيد المسيح كان يجب أن يبدأ خدمته الكهنوتية وعمره 30 سنة وذلك حسب الشريعة، وبهذه الطريقة يمكن حساب ميعاد ميلاد السيد المسيح. والمجوس حسب النبوات كانوا يترقبون ظهور علامة لهم. لذلك ظهر لهم ملاك في صورة نجم. أي كائن سماوي كان يتحرك وغير ثابت. فإن كان هذا نجمًا عاديًا في السماء، سيكون بعيدًا جدًا وكان غير ممكن أن يحدد المكان بالتحديد.
ولكن هذا النجم جاء ونزل فوق حيث كان الصبي. لقد كان هذا ملاكًا وليس نجمًا عاديًا. ولكن لأنهم يرصدون حركة النجوم، فقد رأوا هذا النجم أنه نجم غريب. ورأوا علامات مميزة ففهموا أنه نجم لملك عظيم، أو أنه ملك كبير في الأرض. وبالنسبة للنبوة التي كانت عندهم في سفر دانيال. فإن دانيال النبي كان كبيرًا للمجوس. أي أن المجوس كانوا تلاميذًا له ومع تسلسل الأجيال. وعندما رأوا المنظر بدأوا يفهمون.
إن الروح القدس كان لا يعمل في المجوس بنفس الصورة التي كان يعمل بها مع الرعاة ولكن ليس معنى هذا أنه لا يعمل نهائيًا. ولكنه كان يتدرج معهم وذلك من خلال الأمور التي كانوا يستطيعون فهمها. فبالنسبة لهم كان سفر دانيال مثل أسفار الحكمة، أي أحكم الحكماء. فعندما نتذكر قصة نبوخذ نصر الملك عندما أخبره دانيال النبي بالحلم، وفسّر له الحلم وعيّنه كبيرًا للمجوس فكل هذه الأمور تجعلهم يثقون في نبوات دانيال النبي.
إن الله كان يتعامل مع المجوس على حسب تفكيرهم. لذلك ظهر لهم الملاك على هيئة نجم وعندما قادهم إلى بلاد اليهودية، ذهبوا إلى العاصمة أورشليم وإذا النجم قد اختفى. وهنا بدأوا يسألون الناس، وذهبوا إلى هيرودس الملك يسألون أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له.
وبدأ هيرودس الملك يضطرب وأرسل لإحضار رؤساء الكهنة ليسألهم أين يولد المسيح "فقالوا له في بيت لحم اليهودية لأنه هكذا مكتوب بالنبي وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل" (مت2: 5-6).
واضطرب هيرودس وقرر أن يقتل هذا الطفل المولود الذي سوف يأخذ الملك منه وذلك حسب نظرته للعالم. ولكن السيد المسيح قال "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36). فعندما خرج المجوس من عند الملك ظهر لهم النجم مرة أخرى. وهنا بدأ الإعلان السماوي يرجع إلى قيادتهم مرة أخرى.
وعندما وصلوا إلى البيت نزل النجم الذي كان يقودهم ثم اقترب من البيت. فعرفوا أن المولود هو ملك اليهود أو ملك ملوك الأرض أو ملك الملوك ورب الأرباب في السموات وما على الأرض حسب تفسير حلم الملك نبوخذ نصر الذي فسّره له دانيال النبي وكتبه في السفر المعروف باسمه.