اسحق نيوتن شيخوخته ومابعد وفاته وماترك بمذكراته
في العقد الأخير من القرن السابع عشر، كتب نيوتن الكتابات الدينية التي تتعامل مع التفسير الحرفي للكتاب المقدس. ومن المحتمل أن تكون اعتقادات هنري مور حول الكون ورفض الثنائية الديكارتية قد أثرت على أفكار نيوتن الدينية. بعث نيوتن بمخطوطة إلى جون لوك شكك فيها في وجود الثالوث، وظلت هذه المخطوطة غير منشورة حتى عام 1785، أي بعد أكثر من نصف قرن من وفاته. وفي وقت لاحق، كتب نيوتن "التسلسل الزمني للممالك القديمة" الذي نشر عام 1728، و"ملاحظات على نبوءات دانيال ورؤيا القديس يوحنا" المنشور عام 1733، أي أنهما نشرا بعد وفاته. كما كرّس أيضًا قدرًا كبيرًا من وقته لدراسة الخيمياء. وكان نيوتن أيضًا عضوًا في برلمان إنجلترا عامي 1689-1690 وعام 1701، ولكن وفقًا لبعض المصادر، أن تعليقاته الوحيدة كانت فقط للشكوى من برودة الجو وطلب أن يتم غلق النوافذ.
في عام 1696، انتقل نيوتن إلى لندن لتولي منصب مدير دار سك العملة الملكية. عندئذ، تولى نيوتن مسؤولية إصلاح وإعادة سك عملة إنجلترا. ثم أصبح نيوتن رئيس نفس الدار بعد وفاة رئيسها توماس نيل عام 1699، وهو المنصب الذي شغله نيوتن حتى وفاته.
اهتم نيوتن بوظيفته الجديدة مما دعاه للاستقالة من وظيفته الجامعية في كامبريدج عام 1701. وفي عام 1717 ووفق قانون الملكة آن، أدار نيوتن عملية تحويل الجنيه الإسترليني من هيئته الفضية إلى الهيئة الذهبية من خلال تحديد القيمة التبادلية المقابلة للذهب من الفضة. مما جعل الجنيهات الفضية القديمة تذاب وتشحن خارج بريطانيا. وفي عام 1703، اختير نيوتن رئيسًا للجمعية الملكية وزميلاً للأكاديمية الفرنسية للعلوم. في منصبه كرئيس للجمعية الملكية، عادى نيوتن عالم الفلك الملكي جون فلامستيد، عندما أرغمه على نشر كتابه الفلكي "وصف مواقع النجوم" قبل أن ينهيه، وهو الكتاب الذي استخدمه نيوتن في دراساته.
في أبريل 1705، منحته الملكة آن لقب سير خلال زيارتها لكلية الثالوث في كامبريدج. ومن المرجح أن منحه لقب فارس كان بناءً على اعتبارات سياسية مرتبطة بالانتخابات البرلمانية في مايو 1705، لا اعترافًا بإنجازاته العلمية ولا لخدماته في دار سك العملة. أصبح نيوتن بذلك ثاني عالم يحصل على اللقب بعد السير فرانسيس بيكون.
قرب نهاية حياته، أقام نيوتن في كارنبري بارك بالقرب من وينتشستر مع ابنة أخته لأمه وزوجها، وحتى وفاته في 1727. وقد قامت على خدمته ابنة أخته كاثرين بارتون كوندويت التي شغلت منصب مديرة منزله في شارع جيرمين في لندن، والتي كان يُكن لها محبة شديدة.
توفي نيوتن أثناء نومه في لندن يوم 20 مارس 1727 (31 مارس 1727 وفق التقويم الحديث)، ودفن في دير وستمنستر. ولكونه أعزب، أنفق نيوتن الكثير من ثروته على أقاربه خلال السنوات الأخيرة من حياته، وتوفي دون وصية. وبعد وفاته، تم فحص شعر نيوتن ووجد آثار للزئبق، والتي من المرجح أنها ناجمة عن تجاربه الخيميائية. لذا، فإنه يمكن تفسير غرابة أطوار نيوتن في أواخر حياته، لإصابته بالتسمم بالزئبق.
ما بعد وفاته :
يرى عالم الرياضيات جوزيف لوي لاغرانج أن نيوتن كان أعظم عبقري عاش في أي وقت مضى . كان نيوتن يعتبر نفسه متواضعًا فيما يخص إنجازاته، وهو ما ظهر في رسالته إلى روبرت هوك في فبراير 1676:
- إن توصلت لشيء، فذلك لأني أقف على أكتاف العمالقة.
يختلف المؤرخون حول مقصد نيوتن من تلك العبارة. البعض يرى أنها جاءت في وقت كان فيه نيوتن وهوك في نزاع حول الاكتشافات في مجال البصريات، وأن نيوتن كان يقصد بالعبارة السخرية من هوك (الذي يقال أنه كان قصيرًا وأحدبًا).
وعلى النقيض، يرى آخرون أن نيوتن استخدم عبارة "أقف على أكتاف العمالقة" التي كانت شائعة في تلك الفترة، بعد أن استخدم الشاعر جورج هربرت هذه العبارة في إحدى قصائده عام 1651، حيث قال "قزم على أكتاف عملاق يرى أبعد من الاثنين"، وبذلك قياسًا يصف نيوتن نفسه قزمًا يقف على أكتاف هوك .
كما كتب نيوتن لاحقًا في مذكراته:
أنا لا أعرف كيف أبدو للعالم، غير أني أرى نفسي كصبي يلعب على شاطئ البحر، أتسلى من حين لآخر بإيجاد حصاة ناعمة أو قوقعة جميلة للغاية، لكن في الواقع هناك محيط كبير من الحقائق غير المكتشفة ما زال خلفي.
كان ألبرت أينشتاين يحتفظ بصورة لنيوتن على جداره جنبًا إلى جنب مع صور فاراداي وماكسويل. وإلى اليوم، لا يزال نيوتن له تأثيره على العلماء، كما يتضح من دراسة استقصائية أجريت عام 2005 عندما سأل أعضاء الجمعية الملكية عمّن كان تأثيره أكبر على تاريخ العلم، نيوتن أو أينشتاين، فاختاروا نيوتن لمجمل أعماله. وفي عام 1999، في استطلاع رأي 100 من أهم علماء الفيزياء اليوم، اختاروا أينشتاين "كأعظم عالم فيزياء في أي وقت مضى" تلاه نيوتن، وفي استفتاء آخر على موقع PhysicsWeb كان نيوتن في الصدارة.
وضع نصب لنيوتن عام 1731 في دير وستمنستر، في الجهة الشمالية من الدير بالقرب من قبرهِ. نفذ هذا النصب النحات مايكل ريسبريك من الرخام الأبيض والرمادي من تصميم المهندس المعماري وليام كينت، منقوش على قاعدته باللاتينية :
هنا يرقد إسحق نيوتن، الفارس، الذي بقوة وهبها له الله في عقله، وبالمبادئ الرياضية التي وضعها بنفسه، اكتشف مسارات وأشكال الكواكب، ومسارات المذنبات، ومد وجزر البحر، واختلاف أشعة الضوء وما لم يتصوره عالم آخر من قبل، وخصائص الألوان الناتجة. ودأبه وإيمانه وحكمته، وفي عرضه لطبيعة وقدم وقداسة الكتاب المقدس، أظهر بفلسفته عظمة الله العظيم، وأظهر بساطة الإنجيل. كبشر نسعد بوجود شخص ما كهذا زيّن وجود الجنس البشري! ولد في 25 ديسمبر 1642، وتوفي في 20 مارس 1726/7.
وفي عام 1795، صنع ويليام بليك تمثالاً ملونًا من النحاس لنيوتن. وبين عامي 1978-1988، صمم هاري إيكليستون صورة لنيوتن ظهرت على السلسلة D من الجنيه الإسترليني الصادر عن بنك إنجلترا، يظهر فيها نيوتن يحمل كتابًا وبرفقته مقراب وموشور وخريطة للمجموعة الشمسية. ولنيوتن تمثال ينظر فيه إلى تفاحة عند قدميه، موجود في متحف التاريخ الطبيعي في جامعة أوكسفورد. إضافة إلى تمثال كبير من البرونز، صنعه إدواردو باولوزي عام 1995، معروض في ساحة المكتبة البريطانية في لندن.
وقد قال فيه الشاعر الإنجليزي ألكسندر بوب:
الطبيعة وقوانين الطبيعة ظلت خاملة متخفية في الظلام،
حتى قال الله لنيوتن كن فأضاءت كلها.
وقد وصف ويليام ووردزوورث تمثال نيوتن الرخامي في كلية الثالوث في كامبريدج، قائلاً:
تمثال نيوتن الرخامي المنصوب في كنيسة كلية الثالوث بموشوره ووجهه الصامت، دليل أبدي على وجود عقل جال في بحور الفكر الغريبة وحده.
كما ذكره الشاعر ويليام بليك في كتابه "أورشليم: عودة العملاق ألبيون"
وفي السينما، كان الجدل حول أسبقية اختراع التفاضل والتكامل بين نيوتن وليبنيز موضوع فيلم صدر عام 2010 بعنوان "اختراع التفاضل والتكامل".[77] وفي عام 1999، صدر فيلم وثائقي حول سبع علماء بعنوان "أنا وإسحاق نيوتن".