الشاعر ابن نباتة المصري
هو جمالالدين ابو بكر محمد بن شرف الدين محمد ،بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري و من سلالة عبد الرحيم ابن نباتة الخطيب المشهور لدى الامير سيفالدولة الحمداني و قد غلبت عليه نسبته إليه. كان ابوه وجده من شيوخ الحديث ، أصله من ميافارقين، من (حي القمامة) في القدس.
ولد في الفسطاط في ( زقاق القناديل ) في ربيع الأول عام 686 هجرية -ـ1287 ميلادية وقيل ولد ب(القاهرة )،وقيل في رواية اخرى ولد سنة\ 676 هجرية لكن الاغلب انه ولد سنة 686 هجرية -1287 ميلادية وهوماذهب اليه اغلب جمهور المؤرخين .
نشأ ابن نباته في بيت يرفل بالثروة والجاه بين أ سره ظاهرة الجاه و النفوذ و في ظل أب عطوف ذاع صيته في العلم و الفضل و الادب في جو (القاهرة ) الثقافي و كثيراً ما فخر شاعرنا بأبيه و آله و بمجد بيته. قال ابن نباتة الشعرفي صباه و قد إجتاز الثالثة عشرة من عمره مما يدلل علی موهبة صادقة وفطرة خالصة و إطلاع واسع وقد نال في القاهرة قسطا وافراً من الثقاته الدينية والادبية و قد تأثر شاعرنا منذ طفولته بالامام الكبير ابن دقيق العيد و أخذ العلم والمعرفة عن أ شهر أعلام العصر. وقيل فتح مكتبا للتعليم ونجح فيه .
انتقل من مصر سنة\ 715 هجرية وقيل \716هجرية قاصدا بلاد الشام وهو في الثلاثين من عمره وسكن القدس و اتصل بالملك المؤيد وقال فيه شعراً كثيراً يقول :
أقسمت ما الملك المؤيد في الورى
إلا الحقيقة والكرام مجاز
هو كعبة للجود ما بين الندى
منها وبين الطالبين حجاز
ثم انتقل الى ( حماة) وولي نظارة ( القمامة ) ايام زيارة النصارى لها فكان يخرج اليها فكان يتوجه فيباشر ثم يعود ويشرف على الامور بهذه الطريقة .
ولما توفي الملك المؤيد سنة 732 هجرية رثاه بقصيدته المشهورة منها هذه الابيات :
ما للندي لايلبی صوت داعيه؟
أظن أن ابن شاد ٍ قام ناعيه
ما للرجاء قد إ شتدت مذاهبه؟
ماللزمان قد إ سودّت نواحيه؟
ماليأریالملك قدفضّت مواقفه؟
ماليأری الوفد قدفاضت مآقيه؟
نعی المؤيد ناعيه فيا أسفي
للغيث كيف غدت عنا غواديه
وا روعتا لصباح عند رؤيته
أظن أن صباح الحشر ثانيه
و احسرتاه لنظمي في مدائحه
كيف ا ستحان لنظمي في مراثيه
أبكيهبالدّررمن جفني ومنكِلَمي
و البحر أحسن ما بالدّر أبكيه
أروي بدمعي ثری ملك له شيم
قدكان يذكرها الصادي فترويه
أذيل ماء جفوني بعده أ سفا
لماء وجهي الذي قد كان يحميه
جار من الدمع لا ينفّك يطلقه
من كان يطلق بالانعام جاريه
و مهجة كلّما فاهت بلوعتها
قالت رزية مولاها لها : ايه
ليت المؤيد لازالت عوارفه
فزاد قلب المعنيّ في تلظيه
ليت الحمام حبا الايام موهبة
فكان يفني بني الدنيا و يبقيه
ليتالأصاغرتفديالأكبرون بها
فکانت الشهب بالآفاق تفديه
وخلفه ابنه (الملك الافضل) وكان يجري علی ابن نباتة راتبا كان يناله كل عام لكن (الملك الافضل ) قطع راتبه فترك ( حماة ) بعد أن لمس من الملك الجديد زهداً في الحياة و إعراضا عن الشعر والشعراء فانتهى دور الاستقرار و المجد وبدء تفكيره ينصب الى الرجوع الى مصر وكانت شهرته قد بلغت قمتها حتی دعي بامير الشعراء في المشرق .
وفي سنة \ 762 هجرية - عاد الى مصر الا انه عاد مريضا فلزم العلاج في المارستان المنصوري الى ان وافاه الاجل .
توفي يوم الثلاثاء السابع أو الثامن من شهر صفر سنة 768هجرية -1366 ميلادية في منزله ب(زقاق القناديل) بالقاهرة .
ابن نباتة المصري شاعر متمكن نظم الشعر في أغراض كثيرة هي : المدح وخاصة مدح الملك المؤيد ابو الفداء والغزل في قصائده التي اسماها ( سوق الرقيق ) وله بعض الخمريات يقول :
أهوى بمرشفه الشهيّ وقال
ويلاه من رشاءٍ أطاع وقالها
وأمالت الكاسات معطف قدّه
بقصاص ما قد كانَ قبل أمالها
فمصصت من رشفاته معسولها
وضممت من أعطافه عسّالها
وظرفت في اليقظات منه بخلوة
ما كنت آمل في المنام خيالها
ولرُبما أهوى بكأس مدامة
لولاه ما حملت يدي جرياً لها
طبخت بنار خدوده في كفِّه
فقبّلتها وشربت منه حلالها
وفي الرثاء و الوصف و الشكوی من الحرمان و البؤس ، وفي الحنين إلی الوطن . ومن غزله هذه الابيات :
لقد نفّر الحسناء شيبي فأصبحت
على كبري بعد الوداد تكبر
وقد كنت بالغيد الحسان مشببا
فها أنا للغيد الحسان منفّر
وقد نفرت حتى عن الشعر صبوتي
ولولا الثنا التاجيّ ما كنت أشعر
يتسم اسلوبه الشعري بالترف و الزخرفة في مناحي الحياة وهذا الامر يؤثر في الادب و دفعه نحو الزخرفة و التنميق الامر الذي ادى الى ظهور الغموض و الإبهام في الادب في العصر هذا العصر وكثرت مظاهر الزخرفة و التنميق في الادب ويتميز شعره بوجود أنواع الفنون البلاغية كالبيان و البديع فالفنون البيانية و البديعية من أنواع الرمز و من أهمها التورية والمجاز الكناية الإستعارة وغيرها من المحسنات اللفظية فنجدها واضحة في شعره بالرقة و حسن التورية و بالاقتباس من القرآن الكريم و الحديث الشريف وبالاتكاء على مصطلحات أصحاب النحو و العروض و الفقه و التصوف و الفلسفة و هو في ذلك يكثر من الصناعة حتى اصبح جانب من شعره رمزا ونجد في اسلوبه الأصالة والجزالة بأسلوب ذاتي يتسم بالرقة و الإنسجام ربما جاری أدباء عصره محافظا علی ذاتيته و أسلوبه الخاص ورمزيته المعتمدة من قبله . يقول:
فديت مؤذنا تصبو إليه
بجامع جلّق منا النفوس
لقد زفّ الزمان به مليحاً
تكاد بأن تعانقه العروس
ابن نباته المصري كان شاعرا ناظما ناثرا له ديوا ن كبير مرتب على الحروف الهجائية فهو شاعر وراجز و وشاح ثم هو ناثر باحث و مترسل .
يمتاز ابن نباتة المصري في شعره بالرقة و حسن التورية وبالاقتباس من القرآن الكريم و الحديث الشريف ثم بالاتكاء على مصطلحات أصحاب النحو و العروض و الفقه و التصوف و الفلسفة وهو في ذلك يكثر من الصناعة حتى يصبح جانب من شعره رمزيا وله ايضا قصيدة غزلية مشهورة اسماها سوق الرقيق
وله العديد من الكتبفي النثر :
القطر النباتي
مطلع الفرائد
سجع الطوق
سير دول الملوك
تعليق الديوان في الشعر
سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون
تلطيف المزاج في شعر ابن الحجاج
واختم بحثي بهذه الابيات الرائعة:
قام يرنو بمقلة ٍكحلاءِ
علمتني الجنون بالسوداء
رشأٌ دبَّ في سوالفها لنملُ
فهامت خواطر الشعراء
روض حسن غنى لنا فوقهُا
لحليُ فأهلاً بالروضة ِالغناء
جائر الحكم قلبه ليَصخرٌ
وبكائي له بكى الخنساء
عذلوني على هواهُفأغروا
فهواه نصبٌ على الأغراء
من معيني على رشاً صرت من
دموعي عليه مثل الرشاء
من معيني على لواعجحبّ
تتلظى من أدمعي بالماء
وحبيبٍ اليّ يفعلُ بالقل
بِ فعال الأعداء بالأعداء
ضيق العينِ ان رنا واستمحنا
وعناء تسمح البخلاء
ليتَ أعطافه ولو في منامٍ
وعدت باستراقة ٍللقاء
يتثنى كقامة الغصناللدّ ن
ويعطو كالظبية الأدماء
ياشبيه الغصون رفقاًبصبّ
نائح في الهوى معالورقاء
يذكرُ العهدَ بالعقيق فيبكي
لهواهُ بدمعة ٍ حمراء
يالها دمعة ٌ على الخد ّحمرا
ء بدت من سوداء في صفراء
فكأني حملت رنك بن أيو
ب على وجنتي لفرطولاء
ملك حافظ المناقب تروي
راحتاه عن واصل عن عطاء
في معاليه للمديح اجتماعٌ
كأبي جاد في اجتماعالهجاء
خلِّ كعباً ورم نداه فما كـعـ
بُ العطايا ورأسها بالسواء
وارجُ وعد المنى لديه فإسما
عيلُ ما زال معدنا ًللوفاء
ما لكفيهِ في الثراءهدوّ
فهو فيه كسابح في ماء
جمعت في فنائه الخيل والاب
ل وفوداً أكرم بها من فناء
لو سكتنا عن مدحهمدحته
بصهيل من حوله ورغاء
همة ٌ جازت السماكَ فلميع
بأ مداها بالحاسد العوّاء
وندى ً يخجلُ السحابَ فيمشي
من ورا جودهِ على استحياء
طالَ بيتُ الفخار منه على الشع
ر فماذا يقولُ بيتُ الثناء
أعربت ذكرهُ مباني المعاني
فعجبنا لمعربٍ ذي باء
ورقى صاعداً فلم يبقَ للحا
سدِ إلا تنفسُ الصعداء
شرفٌ في تواضعٍ ونوالٌ
في اعتذار وهيبة في حياء
يا مليكاً علا على الشمس حتى
عمَّ إحسانهُ عمومَ الضياء
صنت كفي عن الأنام ولفظي
فحرام نداهمُ وثنائي