الشاعر صفي الدين الحلي
هو عبد العزيز بن نجم الدين سرايا بن علي بن ابي القاسم ويعرف بصفي الدين الطائي السنبسي ولقب بالحلي نسبة الى مدينة الحلة في العراق وكان نجم الدين سرايا تلميذا للمحقق الحلي .
ولد بمدينة الحلة من العراق سنة \ 677 هجرية - 1276 ميلادية ونشأ فيها ثم انتقل الى بغداد وقال الشعر في صباه ثم درسه عندما انتقل الى بغداد .واشتغل اول امره بالتجارة فكان يتاجر الى الموصل وشمالها والى الشام ومدنها ثم يعود الى بغداد .
عاش بالفترة التي تلت دخول المغول ( التتر ) الى بغداد بقيادة هولاكو فدمروها تدميرا وقضوا على الخلافة العباسية انذاك .
انتقل الى (ماردين) ليكون شاعر (الدولة الارتقية ) فيها ومدح ملوكها واجزلوا له العطاء . فعاش في (الموصل) في ظل الملك المنصور( نجم غازي بن أُرتُق ) وبعد وفاته مدح ابنه (الملك الصالح ). ديوان درر النحور في مدح الملك منصور الأرتقي ملك ماردين، والذي يحتوي على 29 قصيدة كل منها يتكون من 29 بيتا . تبدأ أبيات كل قصيدة منها وتنتهي بأحد حروف اللغة العربية نفسه.
غادر الموصل في رحلة إلى الشام ثم إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ولما عاد من مكة المكرمة بعد حجه توجه إلى مصر وقضى حياته هناك يمدح السلطان الناصر (محمد بن قلاوون)ومنها قصيدته التي مطلعها :
أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
فجَعَلَنَ حَبّاتِ القُلوبِ ذَوائِبَا
قضى سني حياته في عصر تراجعت فيه المعطيات الحضارية للأمة العربية في معظم نواحيها السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية وقد اصطلح على هذا العصر بعصر انحطاط الدولة العربية لمّا ألقى بظلاله الداكنة على الوضع السياسي والاجتماعي القائم آنذاك، وحتى الشعر العربي الذي كان رغم حالة التردي هذه لكن بقي له حضوره في الساحة العربية وكان قبسا متقدا لإلهاب المشاعر وشحذ الهمم عندما يتطلب الأمر ذلك، وصوتا مفعما بالأحاسيس عندما يراد التعبير عن حالة وجدانية أو عاطفية تهز الضمير وتوقد النفس .
عاد الى بغداد في اخريات ايامه فمرض وما ت فيها
توفي الشاعر صفي الدين الحلي سنة \750 هجرية – 1349 ميلادية.
اتسم و تميز شعره بسهولة اللفظ وحسن السبك وهو اشعر شعراء زمانه بلا منازع ونظم الموشح المضمن . وقد ضمن في احد موشحاته قصيدة ابي نؤاس البائية منها
: ما يلي
وحق الهوى ما حلت يوما عن الهوى
ولكن نجمي في المحبة قد هوى
ومن كنت ارجو وصله قتلني نوى
واضنى فؤادي بالقطيعة والنوى
ليس في الهوى عجب ان اصابني النصب
حامل الهوى تعب يستفزه الطرب
فشخصية الحلي الفنية تتردد وتتكرر، في معظم قصائده، ولم نلحظ فيها حظا للتطور فشعره كله كما قيل فيه ( نفس واحد ومنهج منسوخ )
والواضح ان قصائده في المديح على الاغلب كان يفتتحها بالغزل وربما يستعمله في الفخر والحماسة ايضا لكن بقلة . ويسير في هذا النوع من الغزل سيرة من سبقه من الشعراء متتبعا لخطاهم ناسجاً على منوالهم من حيث الطريقة المتبعة في المقدمات الغزلية في القصيدة العربية فهو في معظم قصائده مقلدا ومكررا وكانه كما قيل فيه ( نفس واحد ومنهج منسوخ ) من حيث السبك الفني والحس الشعري ، فهو يقف على الأطلال الدوارس والآثار المعفاة، فيناجيها ويستنطقها، ويبثها حرقة قلبه ونوزاع نفسه ويبكي أمامها مستعطفاً، شاكياً، ويستعيد معها الذكريات الخوالي وأيام الأنس والصفاء قال في ذلك :
لا تخش يا ربع الحبيب هموماً
لقد أخذت على العهاد عهوداً
وليفنين ثراك عن صوت الحيا
صوب المدامع إن طلبت مزيدا
كم غادرت بفناك يوم وداعنا
سحب المدامع منهلا مورودا
ولكم سكبت عليك وافر أدمعي
في ذلك اليوم الطويل مريدا
وفي وصف النساء الحسان يؤكد بأنهن أخجلن زهر الأقحوان وضاهين شقائق النعمان، وبأن أردافهن ثقيلة، وقدودهن مياسة، وبعدها يصل إلى وصف أناته العاشقة وسقم جسمه، وسهد جفنيه، مترقباً زيارة الحبيبة فيقول متغزلا
م قد سهرت الليل أرقب زورة
منها فلم أر للصباح عمودا
ورعيت أنجمه فأكسبت السها
سقمي وأكسب جفني التسهيدا
وحملت أعباء الغرام وثقله
فرداً وحاربت النوى تا ييدا
ويلاحظ في غزله ً برودة العواطف وسطحيتها وكونه متكلفا حيث ان شعره لا يستقي من ينبوعه وإنما يستقي من ينابيع من سبقه من الشعراء لذا اقول انه ذاكرته وعقله لا وثقافته أكثر مما ينظم بقلبه ومشاعره وانفعالاته .يقول متغزلا
يا ديار الأحباب بالله ماذا
فعلت في عراصك الأيام
أخلقتها يد الجديدين حتى
نكرت من رسومها الأعلام
قد شهدنا فعل البلى بمغاني
ك ودمع الغيوم فيك سجام
واقترضنا منها الدموع فقالت
كل قرض يجر نفعاً حرام
ويقول ايضا:
ما بين طيفك والجفون مواعد
فيفي إذا خبرت أني راقد
إني لأطمع في الرقاد لأنه
شرك يصاد به الغزال الشارد
ويقول ايضا متغزلا
لم تخل منك خواطري ونواظري
في حال تسهادي وحين أنام
فبطيب ذكر منك تبدأ يقظتي
وبشخص طيفك تختم الأحلام
اما في طيف الحبيبة فلا يجفوه ولا ينساه بل دائم الذكرى له يقول:
لعمرك ما تجافى الطيف طرفي
لفقد الغمض إذ شط المزار
ولكن زارني من غير وعد
على عجل، فلم ير ما يزار
والحقيقة قد خمدت العواطف في هذا العصر، خموداً محزناً، وأنشدّ الشاعر نحو ظواهر الشعر وعاف بواطنه وأًصبح كما قلنا من قبل ينظم بعقله أكثر مما ينظم بقلبه، وهذا لا يمكن لعاطفة باردة خامدة سقيمة أن تفجر شعراً حاراً مندفعاً صحيحاً.
آخر من بني الأعراب حفت
جيوش الحسن منه بعارضين
تلاحظ سوسن الخدين منه
يبدلها الحياء بوردتين
وصفي الدين الحلي اعجبه الغلمان فتغزل بالمذكر ايضا والغريب ان معظم غلمانه ممن تغزل بهم يحملون أسماء أنبياء كيوسف وسليمان وداود وموسى وإبراهيم، ويستغل شاعرنا هذه الأسماء في شعره استغلالاً حسناً، فيستفيد من معاني التسمية وما تحمله من دلائل :
يقول في غلام اسمه يوسف:
يا سمي الذي به اتهم الذئ
وأفضى إليه ملك العزيز
لو تقدمت مع سميَّك لم يم
س فريداً في حسنه المنبوز
(والمنبوز بالزاي هنا بمعنى المتعارف)
ويقول في غلام اسمه سليمان:
يا سمي الذي دانت له الج
ن وجاءت بعرشها بلقيس
غير بدع إذا أطاعت لك الأنٍ
س وهامت إلى لقاك النفوس
ويقول في غلام له تمرض متغزلا :
لا حال في جوهر من جسمك العرض
ولا سرى في سوى الحاظك المرض
حوشيت من سقم في غير خصرك أو مض
في موعد لك في أخلافه غرض
فتور نبضك من عينيك مسترق
وضعف جسمك من جفنيك مقترض
ويقول ايضا :
جاء في قده اعتدال مهفهف ما له عديل
ففت عطفه شمال وثقلت جفنه شمول
ثم انثنى راقصاً بقد تثنى إلى نحره العقول
فعطفه داخل خفيف وردفه خارج ثقيل
وله في المديح شعر كثير وفي الفخر ايضا ومن فخره قصيدته المشهورة منها هذه الابيات :
سلي الرماح الـعوالي عن معالينا
واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا
لما سعينـا فمـا رقـت عزائمنـا
عما نـروم ولا خابـت مساعينـا
قوم إذا أستخصموا كانوا فراعنـة
يوما وان حكموا كانـوا موازينـا
تدرعوا العقل جلبابا فـان حميـت
نار الوغي خلتهـم فيهـا مجانينـا
خيـل مـا ربطنا هـا مسـوّمـة
لله نغزوا بها مـن بـات يغزونـا
إن العصافيـر لمـا قـام قائمهـا
توهمت أنهـا صـارت شواهينـا
انـا لقـوم أبـت اخلاقنـا شرفـا
أن نبتدى بالاذى من ليس يؤذينـا
بيــض صنائعنا سود وقـائعـنا
خضر مرابعنا حمر مواضينا
لا يظهر العجز منا دون نيل منـى
ولو رأينـا المنايـا فـي أمانينـا
كما انه نظم مفاتيح البحور الشعرية الستة عشر. ونظم باللهجة العامية وله نظم في الموشح و الزجل والمواليا والقومة وغيرها والتي تكثر فيها الفاظ اللهجة المحكية او المحلية (العامية) . ومن شعره فيها هذه الابيات :
كن عن همومك معرضاً وكل الأمور إلى القضا
وانعـم بـطـول سـلامـة تُسليك عما قـد مضى
فلربـمـا اتسع المضيق وربـمـا ضـاق الـفـضا
ولـرب أمــر مـسـخـط لك في عواقبه رضى
الله يفـعـل مـا يـشاء فـلا تـكـن مـتـعـرضا
وهناك نوع آخر من شعره يسمّى الشعر العاطل أو المهمل يتميز بخلو كلماته من التنقيط منها قوله:
سَدَدَ سَهماً ما عَدا روعَه
ورَوّعَ العُصمَ، وللاُسْدِ صادْ
أمالكَ الأمرِ أرِحْ هالِكاً
مدرِعاً للهَمّ دِرعَ السّوادْ
أراهُ طولُ الصدّ لمّا عَدَا
مَرامَهُ ما هَدّ صُمَّ الصِّلادْ
ودّ وداداً طارِداً هَمَّهُ
وما مُرادُ الحُرّ إلاّ الوَدادْ
والمَكرُ مَكرُوهٌ دَها أهلَهُ
وأهلَكَ اللهُ لهُ أهلَ عادْ
ومن اثاره مايلي :
ديوان شعر كبير
العاطل الحالي: رسالة في الزجل والموالي،
الأغلاطي : معجم للأغلاط اللغوية
درر النحورفي مدح الملك المنصور:قصائده المعروفة(الأرتقيات)،
صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء
الخدمة الجليلة: رسالة في وصف الصيد بالبندق.
واختم بحثي بقصيدته في مدح السلطان الناصر (محمد بن قلاوون ) في مصر والتي تعد من اروع قصائده وهي من عيون الشعرالعربي :
أسبَلنَ من فَوقِ النّهودِ ذَوائِبا،
فجَعَلَنَ حَبّاتِ القُلوبِ ذَوائِبَا
وجَلَونَ من صُبحِ الوُجوهِ أشِعْة ً،
غادرنَ فودَ الليلِ منها شائبَا
بِيضٌ دَعاهنّ الغبيُّ كَواعِبا،
ولو استبانَ الرشدَ قالَ كواكبَا
وربائِبٌ، فإذا رأيتَ نِفارَها
مِن بَسطِ أُنسك خِلتهنْ رَبارِبَا
سَفَهاً رأينَ المانَويّة َ عِندَما
أسلبنَ من ظلمِ الشعورِ غياهبَا
وسَفَرنَ لي فَرأينَ شَخصاً حاضراً
شُدِهتْ بَصِيرَتُه، وقَلباً غائِبَا
أشرقنَ في حللٍ كأنّ وميضَها
شفقٌ تدرَّعُهُ الشموسُ جلاببَا
وغربنَ في كللٍ، فقلتُ لصاحبي:
بأبي الشموسَ الجانحاتِ غواربَا
ومُعَربِدِ اللّحَظاتِ يَثني عِطفَهُ،
فُخالُ مِن مَرَحِ الشّبيبَة ِ شارِبَا
حلوِ التعتبِ والدلالِ يروعُهُ
عَتبي ، ولَستُ أراهُ إلاّ عاتِبَا
عاتَبتُهُ، فتَضرّجَتْ وجَناتُهُ،
وازوَرّ ألحاظاً وقَطّبَ حاجِبَا
فأذابَني الخَدُّ الكَليمُ وطَرفُه
ذو النّون، إذْ ذهبَ الغَداة َ مُغاضِبَا
ذو منظرٍ تغدو القلوبُ لحسنِهِ
نهباً، وإنْ منحَ العيون مواهِبَا
لابدعَ إن وهبَ النواظرَ حظوة ً
نِعَماً، وتَدعوهُ القَساوِرُ سالِبَا
فمَواهبُ السّلطانِ قد كَستِ الوَرَى
ملكٌ يَرى تعبَ المكارمِ راحة ً،
ويعدُّ راحاتٍ القراعِ متاعبَا
بمكارم تذرُ السباسبَ أبحراً؛
وعَزائِمٍ تَذَرُ البحارَ سَباسِبَا
لم تخلُ أرضٌ من ثناهُ، وإن خلت.
من ذكره ملئتْ قناً وقواضبَا
ترجى مواهبهُ ويرهبُ بطشُه،
مثلَ الزّمانِ مُسالِماً ومُحارِبَا
فإذا سَطا ملأ القُلوبَ مَهابَة ً؛
وإذا سخا ملأ العيونَ مواهبَا
كالغيثِ يبعثُ من عطاهُ وابلاً
سبطاً، ويرسلُ من سطاه حاصبَا
كاللّيثِ يَحمي غابَهُ بزَئيرِهِ،
طورا ويُنشِبُ في القَنيصِ مَخالبَا
كالسيفِ يبدي للنواظرِ منظراً
طَلقاً، ويُمضي في الهِياجِ مَضارِبَا
كالبَحرِ يُهدي للنّفوسِ نَفائِساً
منهُ، ويُبدي للعيونِ عَجائِبَا
فإذا نظرتَ ندى يديهِ ورأيهُ
لمْ تُلفِ إلاّ صائِباً أو صائِبَا
أبقى قلاونُ الفخارَ لولدهِ
إرثاً، وفازوا بالثّناءِ مَكاسِبَا
قومٌ، إذا سئموا الصوافنَ صيّروا
للمجدِ أخطارَ الأمورِ مراكبَا
عَشِقوا الحُروبَ تَيَمّناً بِلقَى العِدى ،
فكأنهمْ حسبُوا العداة َ حبائبَا
وكأنّما ظَنّوا السّيوفَ سَوالِفاً،
واللُّدنَ قَدّاً، وللقِسيَّ حَواجِبَا
يا أيها الملكُ العزيزُ، ومن لهُ
شَرفٌ يَجُر على النّجومِ ذَوائِبَا
أصلحتَ بينَ المسلمينَ بهمة ٍ
تذرُ الأجانبَ بالودادِ أقاربَا
ووهبتهم زمنَ الأمانِ، فمن رأى
ملكاً يكونُ لهُ الزمانُ مواهبَا
فرأوا خِطاباً كانَ خَطباً فادِحاً
لهمُ، وكتباً كنّ قبلُ كتائبَا
وحَرَستَ مُلكَكَ من رَجيمٍ مارِدٍ
بعزامٍ إنْ صلتَ كنّ قواضبَا
حتى إذا خَطِفَ المكافحُ خَطفَة ً،
أتبعتهُ منها شهاباً ثاقبَا
لا يَنفَعُ التّجريبُ خَصمَكَ بعدَما
أفنيتَ من أفنى الزمانَ تجاربَا
صرمتَ شملَ المارقين بصارمٍ،
تبديهِ مسلوباً فيرجعُ سالبَا
صافي الفرندِ حكى صباحاً جامداً،
أبدى النجيعَ به شعاعاً ذائبَا
وكتيبَة ٍ تَذَرُ الصّهيلَ رَواعَداً،
والبيضَ برقاً، والعجاجَ سحائبَا
حتى إذا ريحُ الجِلادِ حَدَتْ لها
مَطَرَتْ فكانَ الوَبلُ نَبلاً صائِبَا
بذَوائِبٍ مُلدٍ يُخَلنَ أراقِماً،
وشَوائِلٍ جُردٍ يُخَلنَ عَقارِبَا
تطأُ الصّدورَ مِنَ الصّدورِ كأنّما
تعتاضُ من وطءِ الترابِ ترائبَا
فأقَمتَ تَقسِمُ للوُحوشِ وظائِفاً
فيها، وتصنعُ للنسورِ مآدبَا
وجَعلتَ هاماتِ الكُماة ِ مَنابراً،
وأقمتَ حدّ السيفِ فيها خاطبَا
يا راكِبَ الخَطَرِ الجَليلِ وقَولُهُ فخراً
بمجدكَ، لا السيفِ فيها خاطبَا
صَيّرتَ أسحارَ السّماحِ بواكِراً،
وجعلتَ أيامَ الكفاحِ غياهبَا
وبذَلتَ للمُدّاحِ صَفوَ خَلائِقٍ،
لو أنّها للبحرِ طابَ مشاربَا
فرأوْكَ في جَنبِ النُّضارِ مُفَرِّطاً،
وعلى صلاتكَ والصلاة ِ مواظبَا
إنْ يَحرُسِ النّاسُ النُّضارَ بحاجِبٍ
كانَ السماحُ لعينِ مالكَ حاجبَا
لم يَملأوا فيكَ البُيوتَ غَرائِباً،
إلاّ وقد مَلأوا البيوتَ رَغائِبَا
أولَيتَني، قبلَ المَديحِ، عِناية ً،
وملأتَ عَيني هَيبَة ً ومَواهِبَا
ورفعتَ قدري في الأنامِ، وقد رأوا
مثلي لمثلكَ خاطباً ومخاطبَا
في مجلسٍ ساوَى الخلائقَ في النّدى
وترتبتْ فيهِ الملوكُ مراتبَا
وافَيتُهُ في الفُلكِ أسعَى جالِساً،
فخراً على من جاءَ يمشي راكباً
فأقَمتُ أُنفِذُ في الزّمانِ أوامِراً
منّي، وأُنشبُ في الخطوبِ مَخالِبَا
وسقتنيَ الدنيا غداة َ أتيتهُ
رَيّاً، وما مَطَرَتْ عليّ مَصائِبَا
فطفقتُ املأُ من ثناكَ ونشرهِ
حِقَباً، وأملأ من نَداكَ حَقائِبَا
أثني فتثنيني صفاتُك مظهراً
عِيّاً، وكم أعيَتْ صِفاتُك خاطِبَا
لو أنّ أغصاناً جَميعاً ألسُن
تُثني علَيكَ لمَا قَضَينَ الواجِبَا
.