الشاعر / سراج الدين الوراق
هو ابو حفص عمر بن محمد بن الحسن ويكنى ( سراج الدين الوراق ) وقد غلبت كنيته اسمه فعرف بكنيته .
ولد في مدينة (القاهرة) بمصر سنة \609هجرية - 1219 ميلادية ونشأ فيها ودرس فيها العلوم والاداب واللغة وفاق اقرانه حتى اصبح من شعراء القرن السابع الهجري المشهورين .
وكان جميلا بارع الجمال أشقر اللون حتى قال عن نفسه:
ومن رآني والحمار مركبي
وزرقتي للروم عرق قد ضرب
قال وقد أبصر وجهي مقبلا
لا فارس الخيل ولا وجه العرب
وقال في صباه وشبابه :
يا نازح الطيف من نومي يعاودني
لقد بكيت لفقد النازحين دما
أوجبتَ غسلاً على عيني بأدمعها
فكيف وهي التي لم تبلغ الحلما
تولى كتابة ديوان الدرج للأمير( يوسف سيد الدين أبي بكر بن إسبا سلار) والي مصر. ولما اكتهل والم به الشيب قال :
وباخل يشنأ الأضياف حلّ به
ضيف من الصبغ نزّال على القمم
سألته ما الذي يشكو فأنشدني
ضيفٌ ألمّ برأسي غير محتشم
قيل أن ديوان شعره يقع في ثلاثين مجلدا. إختار هو بنفسه منه سبعة مجلدات ضخام. كان حسن الخط حسن التخيل جيد المقاصد صحيح المعاني.
وقيل كان له حوار مع على ابن حنّا الوزير، وكان قد سقط حماره في بئر، فقال فيه:
أدنت ثمار قطوفها للقاطف
وثنت بأنفاس النسيم معاطفي
ولكم بكيت عليه عند مرابع
ومراتع رشّت بدمعي الذارف
ودعاه للبئر الصدى فأجابه
واعتماه صرف الحمام الآزف
وكان حريصا على تاديب ولده باداب الاسلام والخلق الحسن
فقال في ذلك:
بُني اقتدي بالكتاب العزيز
وراح لِبرّى سعياً وراجا
فما قال لي أف مذ كان لي
لكوني أباً ولكوني سراجا
ولما توفي الشاعر ابن الجزار وكان من معاصريه وصديقه ايضا رثاه قائلا :
بلغت أبا الحسين مدىً إليه
لمسبوق ومستبق رهان
وكنت وطالما قد كنت أيضاً
تقول على الأولى سبقوك كانوا
ولما بلغ الستين من العمر قال في ذلك شعرا:
إلهي قد جاوزت ستين حجة
فشكراً لنعماك التي ليس تكفر
وعُمّرت في الاسلام فازددتُ بهجة
ونوراً كذا يبدو السراج المعمر
وعمّم نور الشيب رأسي فسرني
وما ساءني إن السراج منور
وقال في ذلك ايضا :
وكنت حبيباً إلى الغانيات
فألبسني الشيب بغض الحبيب
وكنت سراجاً بليل الشباب
فأطفأ نـورى نـهار المشيب
قال الصفدي عنه في الفوات :
(عمر بن محمد بن حسن سراج الدين الوراق الشاعر المشهور والأديب المذكور ملكت ديوان شعره وهو في سبعة أجزاء كبار صخمة إلى الغاية وهذا الذي اختاره لنفسه وأثبته فلعل الأصل كان من حساب خمسة عشر مجلداً وكل مجلد يكون مجلدين فهذا الرجل أقل ما يكون ديوانه لو ترك جيده ورديّه في ثلاثين مجلداً ، وخطه في غاية الحسن والقوة والاصالة وكان حسن التخيل جيد المقاصد صحيح المعاني عذب التركيب قاعد التورية والاستخدام )
وترجم له ابن تغري في النجوم الزاهرة فقال :
(الامام الأديب البارع سراج الدين عمر بن محمد بن الحسين المصري المعروف بالسراج الوراق الشاعر المشهور مولده في العشر الأخير من شوال سنة خمس عشرة وستمائة ، ومات في جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وستمائة ودفن بالقرافة وكان إماماً فاضلاً أديباً مكثراً متصرفاً في فنون البلاغة )
وقال سراج الدين في اخر ايامه وقد اكتنفته الوحدة :
أفردتني الأيام عن كل خدن
وأنيسٍ وصاحب وصديق
فلو أني مشيت في شهر آب
لأبى الظل أن يكون رفيقي
توفى الشاعر سراج الدين الوراق في القاهرة في جمادي الاولى من سنة \ 695هجرية – 1296 ميلادية وقد ناهز التسعين أو جاوزها قليلا . وقد دفن بالقرافة .
الشاعر سراج الدين الوراق شاعر مجيد بز اقرانه وارتفع صوته في شعره يتميز شعره بسهولته ورقته وكثرة التكلف فيه والصناعة الشعرية والبلاغية قال الشعر في اغلب الفنون الشعرية واكثر في الغزل واجاد كما اجاد في الوصف والرثاء ولم يهجو احد وقد اكثر من التحدث عن نفسه في شعره ومن ذلك قوله :
كم قطّع الجود من لسان
قلد من نظمه النحورا
فها أنا شاعر سراج
فاقطع لساني أزدك نورا
وقال ايضا:
وقالت : يا سراج علاك شيب
فدع لجديده خلع العذار
فقلت لها : نهار بعد ليل
فما يدعوك أنت إلى النفار
فقالت : قد صدقت وما علمنا
بأضيع من سراج في نهار
وذكرت انه لم يهج اجدا وفي ذلك يقول عن نفسه :
أثنى عليّ الأنام إني
لم أهج خلقاً ولو هجان
فقلت لا خير في سراج
إن لم يكن دافى اللسان
وقال في الحكمة والموعظة :
دع الهوينا وانتصب للتقى
واكدح فنفس المرء كدّاحه
وكن عن الراحة في معزل
فالصفع موجود مع الراحه
ومن روائع وصفه قال :
تَبَسَّمَ ثَغْرُ اللَّوْزِ عَنْ طِيب نَشْرِهِ
وأَقْبَلَ فِي حُسْنٍ يَجِلُّ عَنِ الْوَصْفِ
هَلُمُّوا إلَيْهِ بَيْنَ قَصْفٍ ولَذَّةٍ
فَإِنَّ غُصُونَ الزَّهْرِ تَصْلُحُ لِلْقَصْفِ
ومن جميل صفه ايضا يقول :
في خدّه ضلّ علم الناس واختلفوا
أللشقائق أم للورد نسبته
فذاك بالخال يقضي للشقيق وذا
دليله أنّ ماء الورد ريقته
من جميل ماقاله في الغزل :
أحسن ما تنظر في صفحة
عذار من أهوى على خدّه
يا قلم الريحان سبحان من
خطك بالآس على ورده
وقال أيضا :
جاء عذار الذي أهيم به
فجرد الوجد أي تجريد
وظنه آخر الغراملا به
مقيد جاهل بمقصودي
وما درى أن لام عارضه
لام ابتداء ولام توكيد
وقال ايضا:
أقول وكفّيَ في خصرها
يدور وقد كان يخفى على
أخذت عليك عهود ر الهوى
وما في يدي منك يا خصر ُشى
اخير اختم بحثي بهذه الابيات من شعره:
شمتُ برقاً من ثغرها الوضح
والدجى سيره مَهيضُ الجناح
فتبارى شكّي به ويقيني
هل تجلّى الصباح قبل الصباح
فأجابت متى تبسّم صبح
عن حباب أو لؤلؤ أو أقاح
ومتى كان للصباح شميم المسك
أو نكهة كصرف الراح
سل رحيقي المسكوب تسأل خبيراً
باغتباق من خمرة واصطباح
قلت مالي وللسكارى فقالت
أنت أيضاً من الهوى غير صاح
حجة من مليحة قطعتني
هكذا كل حجة للملاح
ولحظ كفترة النرجس الغض
وخّد كحمرة التفاح
ما تيقنت بل ظننت وما في الظن
يا هذه كبير جناح
وكثيراً شبهت بالبدر والشمس
وسامحت فارجعي للسماح
وافعلي ذا من ذاك واطّرحي القول
اطراحي عليك قول اللاحي