تلبيس السحرة على عوام الناس بأسم اللـه الأعظم , الحروز الشركية وتلبيسها على الناس
ما يدّعون أنه الاسم الأعظم: تحوي بعض الحروز على ألفاظ أو أشكال رمزية ادعى أهل الأسرار المخفية أنها اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى، ثم هم قد اختلفوا في تحديده على ثلاثة مدَّعَيَات، وذلك تبعًا لطرائقهم العجيبة في استخراجه، وخلاصة ذلك عندهم أن الاسم الأعظم قد يكون هو: أَهَمْ كَسَقْ حَلَعْ يَصْ!!! (1) أو أَهْيَا شَرَاهْيَا أَدُونَايْ أَصْبَاوُتْ آلْ شْدَايْ!! أو هو المرموز إليه بالأشكال السبعة السابقة (2) . ولنر ما تأويل هذه الألفاظ المشكلة عندهم:
- أما (أهم كسق حلعْ يص) فهي أحد عشر حرفًا؛ فالألف منها ترمز لاسم الله، والهاء: لاسم الهادي، والميم: لاسم المالك، والكاف: لاسم الكافي، والسين: لاسم السلام، والقاف: لاسم القهار، والحاء: لاسم الحليم، واللام: لاسم اللطيف، والعين: لاسم العليم، والياء: لاسم [يمين
_________
(1) انظر: اسم الله الأعظم لعبد الفتاح الطوخي ص 28، ولا شك أنك تلحظ أن الحروف المختارة مطابقة لفواتح بعض السور لكن بترتيب مختلف {كهيعص - حم - حمعسق ألم} ، وهو أمر قصده هؤلاء إرضاءً لشياطينهم، والعياذ بالله.
(2) قد تضارب هؤلاء - ومنهم البوني - في تحديد هذا الاسم الأعظم في مصنفاته، فتراه يذكر تارة أنه الأشكال السبعة، وأخرى أنه أهم كسق حلع يص، وتراه ينص أحيانًا عليه بقوله: [وهذا هو الاسم الشريف: اللهم إني أسألك كحع كهكجع كهيج ملهيج مكهيج يسعطاط تلبحد مهلهاه سهلمي وروره ياهو هو كباسعيد سرطعه طهطيال مهطيوله، وهو اسمك العظيم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت ... ] . فانظر - رحمك الله - مدى جرأة هؤلاء وصفاقتهم على أسماء الله تعالى، حتى جاؤوا بهذه الألفاظ المعجمة ليجعلوها اسم الله الأعظم، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. انظر: شمس المعارف للبوني (1/38) ومنبع أصول الحكمة له ص 143.
(1/152)
اليمين] (1) ، والصاد: لاسم الصمد.
- وأما: أهيا شراهيا أدوناي أصباوت آل شداي، فهي ألفاظ بالعبرانية، أبقوها كذلك لئلا يعرفها أحد!! وقيل معناها: يا قديم يا دائم يا أحد يا واحد يا صمد. لكنهم فيما يكتبون من دوائر في أحجبتهم يُصِرُّون على إثباتها بالعبرانية، ثم هم يُتبِعونها بلفظ استحضار الجن وتسخيرهم بقولهم: الوَحَا الوَحَا، العَجَل العَجَل، الساعةَ الساعة.
كما يكتبون حولها آيات قرآنية، متبعةً بنص استحضارٍ واضح لخُدّام الأسماء الحسنى، وإقسام عليهم بالإجابة، فهل يكون بعد الاستعانة الصريحة بالجن مكان للطلب باسم الله الأعظم!! (2)
- وأما الرموز في الأشكال السبعة - وقد سبق رسم لها - التي يزعم زاعمهم أنها نقشت على خاتم سليمان عليه السلام، بل هي منقوشة عند باب الكعبة (3) ، والواقع يكذب زعمهم، وشرح هذه الأشكال عندهم: [أن الله تعالى يقول: أنا الله الواحد الأحد الملك الحي، أنا الله يسبح لي الظلال والفي، أنا الله الصانع لا يدركني الفي، أنا الله الذي ليس كمثله شي، أنا السميع البصير خالق كل حي] (4) .
ولنا هنا أسئلة بدهية متعلقة بتفسيرهم لهذه الأشكال؛ من ذلك: كيف استدل هؤلاء من هذه الأشكال على هذه العبارات؟! وما الفرق بين الظلال والفي؟ أليس من الأَوْلى أن تكون: الحَرور والفي؟ ثم ما معنى: لا يدركني الفي، وصفةُ مَنْ هذه؟! وكيف يكون الخلق للأحياء، ماداموا أحياءً؟! - والخلق كما تقرر هو إيجادٌ
_________
(1) لا يخفى أن [يمين اليمين] ، ليس من أسماء الله تعالى، فالأسماء الحسنى تعلم بالتوقيف، لا بالاجتهاد. ومعنى يمين اليمين، أي كثير الخير والإنفاق.
(2) انظر: الدائرة التي أثبتها البوني في مصنفه شمس المعارف ص 38.
(3) كما ذكر البوني في منبع أصول الحكمة ص 173.
(4) انظر: مجربات الدَّيْربي بتحقيق محسن عقيل، ص 171 وانظر: الاسم الأعظم للمولى. د. حسن قريب الله. ص 105.
(1/153)
من عدم - ثم هل إن الخلق مقتصر على الحياة، أم أن الله تعالى خالق كل شيء؟! خلق الموت والحياة، والجماد والنبات، والأرض بما فيها والسموات بما فيها، والكرسي والعرش. [الزّخرُف] {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ *} .
هذا، وقد وردت تفسيرات لهذه الأشكال لا إسناد لها يعتد به، فهي ضروب من التخرص في تأويل ذلك، ومنها أن الخاتم ذا الأركان خمسة، يشير إلى التطواف بأركان الملكوت. وأن الألِفات الثلاثة ترمز إلى الجمع لمعنى الشفع والوتر، والألف الممدود فوقها دل على كمال القهر والغلبة، والألفات الأربع لكل ذي قوائم أربع، والميم المنطمسة دلت على انطماسها بمداد العُبَّاد والعلماء والزُّهاد، والسُّلَّم يعني معراج السموات السبع الطباق، والهاء المقوسة تدل على إحاطة العلم والأمر. وثمة تأويلات أخرى نضرب صفحًا عن ذكرها، ولا ندخل في اختلافات أهلها بها فقد صرح كبيرهم البوني في منبع أصول الحكمة بما نصه (1) : وأما الأحرف السبعة التي هي.............. فاختلف الحكماء في معانيها على أقوال كثيرة، والحق أنها من غوامض الأسرار التي لا ينبغي التصريح بها حتى يكشفه الله تعالى للطالب إلهامًا أو منامًا!! فلينتظر منتظرهم كشفًا أعظم بإلهام أو بمنام، ونحن ننتظر رحمة الله باتباع رسوله خير الأنام صلى الله عليه وسلم.
أخي القارئ، أكتفي بهذه النماذج التي هي أُمَّات ما قد تجده في كثير من الأحجبة، وأضرب صفحًا بعدها عن تفصيل لما يسمى حروزًا وختومًا تعددت عند أهلها؛ منها ما تعلق بالأسماء الحسنى فجعلوا لكل اسم حرزًا حوى وفقًا بحروفه وأعداده وقد توكل به - بزعمهم - مَلَك عُلْوي وملك سُفْلي، ومن حمل هذا الوفق استُحسِن له القيام برياضات روحية مضنية من صيام وخلوة وتكرار قول الاسم مئات المرات في أوقات عينوها له، ما أنزل الله بذلك من سلطان، كما جعلوا حروزًا مختصة بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها،
_________
(1) انظر: ص 101 من المصنَّف المذكور.
وآخر مختص بفاطمة الزهراء رضي الله عنها، وكذلك فإن لديهم لكلٍّ من الأئمة الاثني عشر (1) حجابًا مختصًا به، وعُوَذًا وهياكل سبعة، مما لا يتسع المقام لذكره، وقد لا يمكن حصره (2) .