تأثير مرض الصرع على التعلم
يعتبر الطلاب المصابين بداء الصرع مثلهم مثل باقي الطلبة فيما يتعلق بقدراتهم الفردية ومواهبهم ونقاط القوة والضعف لديهم، وعلى العموم فان إصابتهم بهذا المرض لن تكون عائق في إمكانية نجاحهم في التحصيل العملي والإنجاز في الحياة بصفة عامة. والتقدم في العلاج يعني أكثر ما يعني هؤلاء الأطفال حتى يعيشوا حياة طبيعية ويحققوا أهدافهم.وعلى الرغم من التطورات الإيجابية في علاج هذا المرض، إلا أن على الطلاب المصابين بالصرع التغلب على عدد من المشاكل الاستثنائية في المدرسة، والتي يمكن تحديدها من قبل الأخصائى الاجتماعي والمدرسين والمدرسة بصفة عامة حيث يجب أن يكون هناك وعي تام بهذه المشكلة وأبعادها ووضع الخطط العلاجية لهذه المشاكل.
ويمكن للأخصائى الاجتماعي المساعدة عن طريق:
- التوعية عن مرض الصرع بين الطلاب.
- مساعدة المرضى فى التغلب على أي مشكلة اجتماعية أو جسدية.
- مساعدتهم في اختيار مجالاتهم الأكاديمية والمهنية لتحقيق مستقبل أفضل .
- جعل موظفي المدارس الأخرى أكثر دراية بطبيعة الصرع والصغار المصابين به.
أهمية الانتظام فى العلاج:
أصبح من الممكن اليوم علاج مرض الصرع بنجاح وذلك بواسطة الأدوية المانعة للنوبات الصرعية. ولكى يكون العلاج فعالاً يتطلب ذلك تعاون من المرضى، وهذا يعني أنه على المراهق المصاب بالصرع تناول أدويته كل يوم في الموعد المحدد له من قبل الطبيب. كما يجب عليه الحرص في تحديد مواعيد تناول الطعام، والقسط الذي يحتاجه من النوم، وقد يسبب تناول الأدوية بعض الخمول. ولذلك فان بعض الطلاب في بعض الأحيان يتمردون على علاجهم وذلك بتجاهل بعض الجرعات أو أخذ جرعات أقل من الموصوفة لهم. وقد يتوقف الطلاب المصابين بالصرع أحياناً عن تلقى العلاج كلياً، الأمر الذي قد يعرضهم للخطر (الإصابة بالصرع المستمر) وهي مجموعة نوبات متواصلة تستدعي الخضوع للإسعاف الطبي.
التأثير الاجتماعي:
تتفاوت التأثيرات الاجتماعية للصرع بين مصاب وآخر. كما أن إفراط الوالدين في حمايته والخوف عليه قد يؤثر على ثقته بقدراته . وربما يؤدي ذلك إلى استغلال احتمال إصابته بنوبة صرع للحصول على مطالبه في البيت أو الامتناع عن الذهاب إلى الدراسة.
ويعتبر هذا النموذج من النماذج الهدامة من جهات عدة، إلا انه ولحسن الحظ يمكن التغلب عليها عن طريق لقاءات تتم بين الأخصائى الاجتماعي والطالب وأهله،. كذلك يستطيع الأخصائى الاجتماعي أن يساعد الطالب وعائلته على أدراك المسئوليات الخاصة به والتي من شأنها أن تقوده إلى النجاح أو الفشل في الحياة.
وفي بعض الأحيان يحاول المراهق إخفاء الحالة أو قد يعمد إلى التصرف بشكل عدائي مع المحيطين به. وربما يقرر أن يبدأ برفض الآخرين قبل أن يرفضوه مما قد يؤدي إلى نقص في قدراته ومهاراته الاجتماعية وذلك لقلة اتصاله بالمجتمع. كما أن قلة احترامه وتقدير لنفسه تنعكس في اللامبالاة، ومن جهة أخرى فأن الأعراض الجانبية للدواء تؤدى إلى بطئ في قدرته على الحديث مما يجعله يزداد بعداً عن بقية الطلاب.
سوء فهم العامة:
الطلاب المصابون بالصرع عليهم أيضاً التعامل مع حقيقة أن معظم الناس لا يدركون مدى ما تقدم إليه العلم في العلاج وفهم طبيعة الصرع. فكثيراً من الناس مازالوا متمسكين بتفسيرات خاطئة عن داء الصرع. على سبيل المثال يعتقد كثير من الناس أن سبب المرض هو سبب وراثي، وفي الواقع فأنه من الممكن حدوث المرض بطرق عديدة وخصوصاً من خلال إصابات الرأس، ويعتقدون أيضاً أن الشخص المصاب بالصرع هو شخص مصاب بمرض عقلي أو متخلف عقلياً، وهذا اعتقاد خاطئ لأن كلاً منهما يعد حالة منفصلة. كذلك فان المدرسين يعتقدون إن قدرات المصابين بالصرع أقل من زملائهم غير المصابين. كما يخاف زملاؤهم الطلاب من التقاط العدوى أو الإصابة بشيء من جراء نوبة تشنج، أو أن الشخص المصاب تحدث له النوبة في أي وقت وهذا غير صحيح. والحقيقة أن هناك 5.% على الأقل من المصابين بالنوبات الصرعية - وقد يصل إلى 85% - من الممكن أن يحصل لهم تحكم تام وطويل الأمد وكامل وذلك باستخدام العلاج المتوفر حالياً. وهذا يعني مرور أشهر أو حتى سنوات من غير حدوث نوبة صرعية من أي نوع.
الإنجازات الأكاديمية:
الإصابة بالصرع في حد ذاتها ليست عائقاً في طريق تحقيق إنجازات أكاديمية عالية. فهناك العديد من الكتاب والصحفيين والأساتذة والمحامين وحتى العلماء، ممن هم مصابون بالصرع ولم يكن هذا ليقلل من قدراتهم الفكرية أو يثبط من إنجازاتهم الأكاديمية.
والطالب المصاب بالصرع والذي يؤدي أداءً حسناً في دراسته، يجب بالتالي أن يتم تشجيعه على الدراسة التى تؤهله لدخول الجامعة كبقية الطلاب. وعندما يكون أداء الطالب سيئاً فيجب معرفة سبب ذلك. وبالرغم من أن اختبار الذكاء للمصابين بالصرع يظهر انهم في المدى الطبيعي أو الاعتيادي إلا أن الدراسات أظهرت أن بعضهم ينجز الاختبار بمستوى أقل من المتوقع.
وعندما يؤدي الطالب الحاصل على معدل ذكاء عالي على أداء دراسى أقل من المتوقع، فأنه يحدث توتراً في العائلة، وإذا كان الأبوان حاصلين على درجة التعليم الجامعية ويعلقون الكثير من الآمال على أبنائهم، فنجد أنهم يؤولون هذا الأداء السيئ بأنه نتيجة تقصير من ولدهم وأنه لا يحاول جهده. ولكن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة.
وفي الحقيقة فان هناك أربعة احتمالات على المشرف أن يضعها في اعتباره عندما يكون الإنجاز أقل من المتوقع:
علاقة موقع بؤرة الصرع بمتاعب التعليم:
صعوبة التعليم قد تكون متعلقة بموقع نشاط النوبة الصرعية في الدماغ. لان الصرع يؤدي إلى خلل في طريقة اتصال خلايا المخ. وحيث أن التعلم ومعالجة المعلومات والذاكرة كلها ناتج عن اتصال الخلايا، فليس من المستغرب أن الصرع قد يرتبط بالتشويش الحاصل في العملية التعليمية.
وعندما تكون منطقة الصرع في الفص الصدغي الأيسر من الدماغ فان اللغة والمهارات الكلامية والحسابية قد تتأثر، وكذلك مهارات أخرى مثل تمييز وتذكر الأصوات. وقد تكون هذه المشكلة متقطعة الظهور وفقاً للفترة التي يتزامن فيها حدوث النوبة الصرعية، والحاجة إلى المهارات المذكورة خصوصا خلال أداء الواجبات الدراسية أو الامتحان.
لذلك نجد أن أداء الطالب يتفاوت بين الجيد والضعيف في بعض الأحيان، وعندما تكون منطقة الصرع في الجزء الأيمن فان التأثير سوف يقع على ناحية إدراك الأشكال والنماذج. وقد يسئ الطالب المصاب فهم الرموز الحسابية وقد يجد وقتاً عصيباً في التقاط التلميحات البصرية في المواقف الاجتماعية وقد يجد صعوبة في القيام بالأنشطة الرياضية.
وربما يحاول الطلاب التغلب على هذا النوع من الخلل في حياتهم بأن يتمسكوا بطريقة واحدة لعمل الأشياء في محاولة لتنظيم حياتهم. وقد يجدون من الصعوبة عليهم التأقلم مع التغيير. ومن المحتمل أن يتمكن الأخصائي النفسي من التعرف على بعض مناطق الخلل، وبمعرفة هذا الخلل فأن ذلك يساعد المدرسين على إيجاد طرق للتقليل أو الحد من هذه المشكلة
الآثار الجانبية للدواء:
بعض الأدوية لها تأثير مسكن (منوم) مما يجعل من الصعوبة على الطالب إكمال الامتحان في الوقت المحدد مثل بقية زملائه. فهو قد يعرف الأجوبة ولكنها تحتاج منه إلى وقت أطول لاسترجاعها وكتابتها. ومن الممكن التغلب على هذه المشكلة وتحسين الأداء الأكاديمي للطالب عن طريق إعادة تقييم العلاج أو تغيير أوقات أخذه ( إذا سمح الطبيب ).
التغيب عن الدراسة:
التغيب عن الدراسة هو الاحتمال الثالث الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عندما يتبين ضعف الأداء الأكاديمي.
إن الحاجة لإجراء الفحوصات والتنويم في المستشفى قد تؤدي إلى التغيب عن الحضور للمدرسة. كذلك إهمال النوبة الصرعية الثانوية (الغياب الجزئي أو الكلي) والتي قد تستمر لسنوات قبل تطورها إلى نوبة صرعية كبيرة تؤدي إلى اكتشاف مرض الصرع.
كما أن نوبات الغياب المتكررة (نوبات الصرع الصغرى) تتصف بغياب جزئي أو كلي مع رف متكرر للعين أو الانتباه المتقطع يتداخل بشكل ملموس مع صعوبة العملية التعليمية. والطلاب اللذين يعانون من هذه الحالة قد تنقصهم الخبرات التعليمية الأساسية والفهم الذي يحصل عليه الباقون في المدرسة الابتدائية، ولكن الدروس الخصوصية والدراسة الصيفية قد تساعدهم فى اللحاق بزملائهم.
التشخيص الحديث للصرع :
في بعض الأحيان يتأثر مستوى الطالب الضعيف دراسيا بعد تشخيص حالته بأنها صرع وبدء استخدام العلاج . حيث يتطلب علاج الصرع حرصاً في اختيار نوع الدواء ومقياس الجرعة. ففي بعض الأحيان يؤدي تعديل طفيف على الدواء إلى حدوث تأثيرات كبيره مثل: النعاس والكسل وتقلب المزاج وشعور عام بعدم الراحة، ولكن بعد استقرار الحالة وتكيف الطالب مع العلاج الجديد فان ذلك في الغالب يؤدي إلى تحسن في الأداء الأكاديمي.