فوائد السمك في تأخير الشيخوخة وصحة المخ
إذا فتحت علبة سردين، فستحول دون ظهور التجاعيد على وجهك (إذا تناولت ما في العلبة بالطبع).
اتضح أن كلام جدتك كان صحيحاً في نهاية الأمر، فالأسماك مفيدة فعلاً للمخ، فجرعة واحدة من زيت كبد القد يومياً تحافظ على قوتك وصحتك.
ولكن ربما لم تدرك جدتك أن من مميزات الأسماك أنها تؤخر علامات الشيخوخة، وتساعد على الشعور والظهور بمظهر حيوي مفعم بالشباب. ويرجع الأمر في الأساس إلى بعض الأحماض الدهنية الموجودة بالأسماك وتعرف باسم أوميجا-3. هذه الزيوت لها أهمية شديدة فيما يتعلق بعمل كل خلايا أجسامنا، إلا أن أجسامنا لا تستطيع تخليقها، ومن ثم وجب استخلاصها من الطعام. هل أنت مستعد لبعض الكلمات المعقدة؟ هناك حمضان دهنيان لهما أهمية خاصة هما حمض دوكوساهكسانويك (DHA)، وحمض إيكوسابنتينويك (EPA)، وستجد مستويات عالية من هذين الحمضين في كل من السلمون، والرنجة، والسردين، والبلشار، والإِسْقُمْرِي، والتونة، والسلمون المُرَقَّط.
ولقد اقترح أحد الكتب الأكثر مبيعاً مؤخراً أن تناول السلمون ثلاث مرات يومياً يغني عن الحاجة لأي جراحات تجميلية للوجه. وأقسم الأشخاص الذين حققوا نتائج ملموسة أن السلمون قلل تجاعيد وجوههم. وتحتوي الأحماض الدهنية أوميجا-3 على مادة كيميائية تستحث عمل الأعصاب، وتشجع العضلات الكائنة تحت الجلد مباشرة على الانقباض والشد. ولكنك لست بحاجة لتناول الأسماك بهذا المعدل كي تشعر بالشباب لفترة أطول.
دعني أضرب لك مثلاً بأهل الإسكيمو. هل تعلم أن لغتهم تخلو من مرادف لعبارة “نوبة قلبية” بسبب ندرة حدوثها جداً عندهم؟ يعتقد أن السبب في ذلك هو نظامهم الغذائي، وهناك بعض الأطباء الذين ينصحون الآن بأن نسير على نفس خطاهم. ولكن إذا كان لا يروق لك تناول دهن الحوت أو الفقمة طوال فصل الشتاء، فلا تقلق؛ يمكنك الحصول على نفس الفوائد بواسطة تناول الأسماك التي تتغذى الحيتان والفقمة عليها: وهي السلمون، والرنجة، والآنشوفة، والإِسْقُمْرِي، والتونة. وتعمل الأحماض الدهنية أوميجا-3 على “تهدئة” جدران الشرايين، كما أنها تقلص إنتاج كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة الضار، وتزيد إنتاج كوليسترول البروتين الدهني مرتفع الكثافة النافع في نفس الوقت، فتخفض من ضغط الدم، وتحد من عدم انتظام نبض القلب.
وبفضل عدد ضخم من الأبحاث الأخرى، أصبحنا نعرف الآن أن هذه الزيوت المفيدة تلعب دوراً في الحيلولة دون الإصابة بالسكتات الدماغية، وسرطان الثدي، ومكافحة الربو، وحماية المفاصل. وهناك أبحاث علمية تدعم المعتقدات التي اعتنقها أسلافنا بالفطرة والتي مفادها أن الأسماك مفيدة للمخ. فقد اكتشفت إحدى هذه الدراسات أن المسنين الذين يتناولون الأسماك أو الأكلات البحرية مرة واحدة أسبوعياً على الأقل تقل احتمالات إصابتهم بالخرف بشدة.
تعمل أحماض أوميجا-3 بأفضل صورة كجزء في مهمة ثنائية بالتعاون مع مجموعة من الزيوت الأساسية التي تعرف باسم أوميجا-6، والتي توجد في الزيوت النباتية مثل عباد الشمس، والصويا، والقنب، وبذور الكتان، التي تزيد أهميتها عندما يتعلق الأمر بخفض مستويات كوليسترول الدم، ودعم البشرة. وبفضل الاستخدام الواسع لزيت عباد الشمس في معالجة الطعام، فإن عدداً قليلاً من الناس هو الذي يعاني من نقص أحماض أوميجا-6، ولكن في نفس الوقت، نجد أن المقادير التي نتناولها من أحماض أوميجا-3 انخفضت لأقل من النصف (فنحن لا نتناول كميات كبيرة من الأسماك، ونميل إلى تناول أنواع منخفضة الدهون، مثل القد والحدوق بدلاً من الرنجة، والإِسْقُمْرِي). ويعتقد العلماء الآن أن احتواء النظام الغذائي على قدر أكبر مما ينبغي من أحماض أوميجا-6 من الممكن أن يفسد فوائد أحماض أوميجا-3. ولكي تعيد التوازن بين النوعين، حاول أن تحد من الأطعمة المقلية والمعالجة، والسمن الصناعي، وتناول المزيد من الأسماك الزيتية، وليكن هدفك هو تناولها مرتين أسبوعياً على الأقل.
هل تحتاج لبعض الأفكار السهلة لإعداد أكلات السمك؟
ماذا عن السلمون الطازج المشوي أو المغموس في القليل من الحليب والمزين بالشبت والبقدونس؟
يعد سمك الإِسقمْرِي الكامل وجبة رائعة يمكن شويها، أو حشوها بقطع كبيرة من الليمون والأعشاب، ولفها في ورق ألمونيوم وتقديمها كوجبة عشاء رائعة.
أو جرب إضافة شرائح رقيقة من السلْمون المُرَقَّط المدخن للسلطة، وستجد لديك وجبة غداء غنية بالسيلينيوم المكافح للسرطان علاوة على أحماض أوميجا- 3.
والأسماك المعلبة رائعة أيضاً؛ أضف علبة من سمك الآنشوفة إلى صلصات باستا الطماطم، أو استخدمها كطبقة علوية للبيتزا.
أو قم بهرس علبة من السردين، أو الرنجة، أو البلشار على خبز محمص متعدد الحبوب كوجبة خفيفة سريعة، أو عشاء خفيف.
ماذا عن أخبار احتواء الأسماك على الملوثات؟
لك الحق في أن تقلق. فقد جاء في التقارير الصحفية احتواء بعض الأسماك على مستويات عالية من الزئبق، وهو معدن طبيعي يميل إلى السمية عندما يوجد بكميات كبيرة. ونصحت الحوامل بتجنب تناول الأسماك الضخمة مثل المرلين، وسياف البحر، والتونة، والقرش (فالنظرية تقول إنه كلما كان حجم السمكة أكبر، كان خطر المواد الملوثة أكبر). ولكن، لم يعثر على مستويات عالية من الزئبق في أسماك مثل الإِسْقُمْرِي، أو الرنجة، أو البلشار، أو السردين، أو السلمون المُرَقَّط، أو السلمون العادي، ولذا فلا ضير من تناول هذه الأنواع مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً. وقد طالعنا بعض التقارير الأحدث حول مستويات أعلى من ملوثات مسرطنة مثل الديكوسين، وثنائي الفينيل متعدد الكلورات في سلمون المزارع، ولكن لازال الشك يداخل حقيقة ما إذا كانت هذه الملوثات ذات مستويات عالية بالقدر الذي يمكن أن يؤثر على صحة الإنسان أم لا. ويتفق أغلب خبراء التغذية على أن فوائد تناول أسماك زيتية مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً تفوق مخاطر تناولها بكثير. وليست كل الأخبار المتداولة سيئة؛ فقد كشفت دراسة حديثة عن أن مستويات مادة الديوكسينات في الأسماك الزيتية تقلصت بنسبة 50% على مدار السنوات الثلاث الأخيرة نظراً لعمليات التطهير البيئي التي تمتد تاريخياً إلى السبعينيات والتي لم تظهر نتائجها إلا في الآونة الأخيرة.
يؤسفني أنني لا أستسيغ الأسماك قط. ما الأطعمة الأخرى التي تحتوي على أحماض أوميجا-3؟
بالرغم من أن الأدلة المتاحة لدينا حتى الآن حول فوائد الأحماض الدهنية الأساسية في الحد من أمراض القلب، والسكتة الدماغية، وتحسين أداء المخ ركزت على حمضين دهنيين فقط –EPA (إيكوسابنتينويك) و DHA (دوكوساهكسانويك)– لا يوجدان سوى في الأسماك الزيتية، إلا أن الدراسات التي ستجرى في المستقبل ربما تثبت فائدة مثيلة من مصادر نباتية. ومن المصادر النباتية الرائعة لأحماض أوميجا-3 زيت بذر الكتان، في شكل حبوب أو مكملات، وبذور الجوز والقرع (جرب إضافة حفنة من بذر الكتان إلى الحساء بأنواعه، أو اليخنة، أو السلطات يومياً). علاوة على ذلك، فقد أضافت صناعة الأغذية أحماض أوميجا-3 إلى بعض عصائر البيض والبرتقال. يمكنك أيضاً اختيار مكمل لزيوت الأسماك، فالأبحاث تفيد بأن المكملات الغذائية الغنية بأحماض أوميجا-3 (ابحث عن الحمضين EPA و DHA على ملصق المكونات) من شأنها توفير مجموعة الفوائد المرتبطة بتناول الأسماك الزيتية. ولكن هناك جانب يجب الاحتراز منه؛ إن زيوت الأسماك غنية بفتيامين هـ الذي يمكن أن يؤثر على عقار وارفارين، لذا يجب مراجعة الأمر دائماً مع طبيبك الخاص قبل تناول هذه المكملات الغذائية إذا كنت تتعاطى هذا العقار.