العقار والمخدر :
ذكر د.هانى عرموش - فى كتاب المخدرات - العقار بأنه " أي مادة إذا تناولها الكائن الحي أدت إلى تغيير وظيفة أو أكثر من وظائفه الفسيولوجية …أما المخدر فهو العقار الذي يؤدي تعاطيه إلى تغيير حالة الإنسان المزاجية وليس الجسدية" .
ومن التعريفين السابقين يتضح لنا أن أية مادة مخدرة هى عقار ، ولكن ليس كل عقار هو مادة مخدرة .
وسيتم التركيز فى هذا الكتاب على الأدوية المؤثرة نفسياً والتى تحدث تغيرا فى مسلك الفرد . وهذا لا يتطلب مجرد إلقاء نظرة على التأثير الدوائى للأدوية والمخدرات و إنما يتطلب ذلك فحص خواص المادة ودراسة الطريقة التى تتفاعل بها هذه المادة مع الكائن الحى . وليس هناك ما يمكن تسميته أثرا واحدا للدواء،ذلك لان للأدوية جميعا آثارا متعددة تتفاوت بتفاوت مستوى الجرعات وبين شخص وأخر 00وتتأثر إلى حد بعيد بالزمان والمكان . وآثار المخدر هى عبارة عن محصلة التفاعل بين الدواء ووضع الفرد الجسدى والنفسى والاجتماعى .
ظاهرة التحمل :
يقوم الجسم بتحطيم وطرد كل ما يدخله من عقاقير . ومن البديهي أن مقدرة الأجسام على فعل ذلك تختلف بين شخص وآخر تجاه نفس العقار . وعندما يتناول المرء عقاراً مخدراً فإن ما يحدث داخل جسمه يمكن توضحيه على النحو التالي :
1-يقوم الجسم ، فى المرة الأولي لتناول العقار بتحطيمه وطرده إلى خارج الجسم، ولدى تكرار تناوله فإن مقدرة الجسم على تحطمه وطرده تزداد بسب النشاط الزائد للأنزيمات المحطمة لهذا العقار فى الكبد ، مما يستدعي زيادة الكمية المأخوذة فى المرات اللاحقة ، وباستمرار، للحصول على نفس المفعول الحادث فى المرات السابقة.
2-ومن جهة ثانية ، إذا استمر نفس الشخص بتناول نفس الكمية السابقة من نفس العقار ، فإن خلايا جهازه العصبي تعتاد على ذلك العقار ولا تعود تتأثر به كالسابق، وبالتالي تحتاج إلى كمية أكبر للحصول على التأثير السابق نفسه .
وخلاصه القول : إن زيادة مقدرة الجسم على تحطيم العقار من جهة ، وتعوده عليه من جهة أخرى ، وبالتالي حاجته إلى كمية أكبر للحصول على نفس التأثير السابق هو ما يسمي بظاهرة التحمل ..
سوء استعمال العقاقير :
سوء استخدام العقاقير هو الإسراف فى تناول العقاقير دون أخذ رأي الطبيب ، وغالباً ما يؤدي سوء الاستعمال هذا إلى إدمان العقار المستعمل . وبمعني آخر هو سوء الاستعمال الذى يتم دون رأي الطبيب والذي يؤدي إلى الاعتماد النفسي ، والجسدي أو كليهما معاً .
ظاهرة الاعتماد :
عرفت منظمة الصحة العالمية عام 1973 الاعتماد بما معناه :
" هو حالة من التسمم الدوري أو المزمن الضار للفرد والمجتمع ، وينشأ بسبب الاستعمال المتكرر للعقار الطبيعي أو " المصنع" ويتصف بقدرته على إحداث رغبة، أو حاجة ملحة لا يمكن قهرها أو مقاومتها ، للاستمرار على تناول العقار والسعي الجاد للحصول عليه بأية وسيلة ممكنة ، لتجنب الآثار المزعجة المترتبة على عدم توفره ، كما يتصف بالميل نحو زيادة كمية الجرعة ، ويسبب حالة من الاعتماد النفسي أو العضوي على العقار ، وقد يدمن المتعاطي على أكثر من مادة واحدة " .
ويضاف إلى التعريف السابق ما يلي :
يؤدي الاعتماد إلى حدوث رغبة ملحة فى الاستمرار على تعاطي العقار والحصول عليه بأية وسيلة .
ضرورة زيادة الجرعة بالتدريج وباستمرار ، لتعود الجسم عليه ، وإن كان بعض المدمنين يداوم على جرعة ثابتة .
حدوث اعتياد نفسي واعتماد جسدي على العقار المستعمل .
ظهور أعراض نفسية وجسمية مميزة لكل عقار عند الامتناع عنه فجأة .
تظهر الآثار الضارة على المدمن وعلى المجتمع معاً .
كل ذلك يعني أن إدمان الشيء هو الاعتماد عليه فى الحياة ، واعتماد الشخص على العقار يعني أن نشاطه العادي وحياته اليومية مرتبطتان بتناول ذلك العقار ليحافظ على وجوده فى دمه بنسبة ثابتة وبشكل دائم ، فإذا انخفضت هذه النسبة فى دم المدمن، أدى ذلك إلى توقفه عن العمل وعن كل نشاط سوى البحث عن العقار المطلوب ، وذلك يعني بوضوح، اعتماد الشخص فى كل أنشطته الحياتية على استمراره فى تناول العقار وهذه هي ظاهرة الاعتماد .