الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية المعاصرة، نادت بتطبيق الشريعة الإسلامية في واقع الحياة، وقد
وقفت متصدية لموجة المد العلماني في المنطقة العربية والإسلامية، مؤسس هذه الحركة
الشيخ حسن البنا (1906 ـ 1949 م) حيث عين مدرساً في الاسماعيلية، وهناك بدأ نشاطه
الديني بين الناس وخاصة في المقاهي وبين عمال القناة، وفي عام 1928 تم تأسيس النواة
الأولى من الإخوان، وفي عام 1932 م انتقل إلى القاهرة وفي عام 1933 تم إصدار جريدة
(الإخوان المسلمون) الأسبوعية وكان محب الدين الخطيب مديراً لها، ثم صدرت النذير ثم
الشهاب، وتتالت المجلات والجرائد الإخوانية، وتكونت أول هيئة تأسيسية للحركة 1941 م
من مئة عضو اختارهم الأستاذ البنا بنفسه وشارك الإخوان في حرب فلسطين 1948 م وفي
العام نفسه أصدر محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء المصري آنذاك قراراً بحل الجماعة
ومصادرة أموالها واعتقال أبرز قياداتها، وفي نفس العام اغتيل النقراشي واتهم
الإخوان وهتف أنصاره في جنازته بأن (رأس النقراشي برأس البنا) الذي اغتيل فعلاً في
12/فبراير/1949 م، وفي عام 1950، جاءت وزارة النحاس وأفرجت عن الجماعة واختير في
العام نفسه الأستاذ حسن الهضيبي مرشداً للإخوان، وهكذا تتابعت الأحداث واضهدت
الجماعة كثيراً وسجن أبرز قياداتها كثيراً وأعدم الكثير منهم على يد الحكومات،
وخصوصاً جمال عبد الناصر حيث أعدم ستة منهم في حادثة المنشية، واتهموا بمحاولة
اغتياله وهم: عبد القادر عودة ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وهنداوي دوير وإبراهيم الطيب
ومحمود عبد اللطيف.
وفي عام 1966 أعدم سيد قطب الذي يعد المفكر الثاني في الجماعة بعد البنا وواحداً من
رواد الفكر الإسلامي ويوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل ثم خَلَفَ الهضيبيَّ عمرُ
التلمساني الذي نهج بهم طريقاً يجنبهم الاصطدام مع الحكومات وكان يكرر دائماً أن
(الدعوة ينبغي أن تعمل بالحكمة وأن تنبذ العنف والتطرف). وخلف التلمساني محمد حامد
أبو النصر الذي سار على نهجه وهناك من الشخصيات البارزة التي ظهرت خارج مصر: محمد
محمود الصواف في العراق ومصطفى السباعي وعبد الفتاح أبو غدة في سوريا وعبد اللطيف
أبو قورة ومحمد عبد الرحمن خليفة في الأردن وغيرهم.
ويتصف فكر الإخوان بالشمولية في فهم الإسلام، وعدم الاقتصار على جانب دون سواه وقد
حرص الإخوان على توسيع دائرة عملهم حتى تكون حركتهم عالمية، وقد أخذ الإخوان عن
الدعوة السلفية التأكيد على ضرورة البحث عن الدليل وأهمية العودة إلى المنبعين
الرئيسيين الكتاب والسنة، والتحرز في كل نوع من أنواع الشرك وصولاً إلى كمال
التوحيد وتأثرت دعوتهم بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والدعوة السنوسية ودعوة
السيد رشيد رضا وأخذ الإخوان من التصوف ما فيه من دعوة إلى تربية النفس وتهذيبها
والرقي بها على ما كان عليه أوائل المتصوفة من صحة في العقيدة وترك ونبذ للبدع
والشطحات والاستكانة والسلبية لقد جمع البنا المفاهيم السابقة في دعوته وأضاف إليها
ما فرضته عليه ظروف العصر والبيئة من وقوف أمام التيارات التي أخذت تسري في مصر
خاصة وفي العالم العربي والإسلامي عامة، يقول حسن البنا عن دعوة الإخوان: «إن
الإخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية
ورابطة علمية وثقافية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية» ويقول: «أركان بيعتنا عشر
فاحفظوها: الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والثبات والتجرد والأخوة والثقة»
ثم يشرحها ويقول بعدها: «أيها الأخ الصادق: هذا مجمل لدعوتك وبيان موجز لفكرتك
وتستطيع أن تجمع هذه المبادىء في خمس كلمات: الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن
شرعتنا والجهاد سبيلنا والشهادة أمنيتنا» وشعار الإخوان سيفان متقاطعان يحيطان
بمصحف شريف والكلمة القرآنية (وأعدوا) وثلاث كلمات هي: (حق ـ قوة ـ حرية).