الشاعرة زينب الشهارية
هي زينب بنت محمد بن احمد بن الإمام الناصر الحسن بن علي
بن داوود الحسنية اليمنية، الشهارية عالمة، كاملة، فاضلة، شاعرة متصوفة و أديبة بارعة .
ولدت بمدينة ( شهارة ) من منطقة (الأهنوم ) شمال (صنعاء )
من اليمن ، وبها نشأت في حضن والدتها (اسماء بنت المؤيد محمد بن القاسم) وأخوالها وقرأت علوم اللغة والنحو والادب والمنطق والأصول والنجوم والرمل وبرعت في الأدب والشعر واشتهرت فأصبحت أشهر شاعرات اليمن .وكانت تفضل مدينة (شهارة ) على مدينة (صنعاء ) فقالت :
يا من يفضل صنعًا غير محتشمٍ
على شهارة ذات الفضل عن كملِ
شهارة الراس لا شيء يُماثلها
في الارتفاع وصنعا الرِّجلُ في السَّفـَلِ
أليس صنعاء تحت (الظهر) معْ (ظُلعٍ)؟
أما شهارة فوق (النحر) و(المُقَلِ)
ثم تزوجها الأميرالشاعر (علي بن المتوكل اسماعيل)
ثم فارقها وكانت بينهما مساجلات ومكاتبات رائعة بعد طلاقها منه .
فبعد أن فارقها الأمير علي المتوكل كتبت إليه تعاتبه :
إن الكرام إذا ما استُعطفوا عطفوا
والحر يغضي ويهفو وهو يعترفُ
والصفح خيرٌ وفي الإغضاء مكرمة
وفي الوفاء لأخلاق الفتى شرفُ
والعفو بعد اقتدارٍ فعلُه كـرمٌ
والهجر بعد اعترافٍ فعله سرفُ
عاقب بما شئت غير الهجر أرض به
فالهجر فيه لإخوان الهوى تلفُ
ثم تزوجها الامير( علي بن احمد بن الإمام القاسم) صاحب مدينة ( صعدة ) فاحبته وفيه تقول :
ان الخلافة زينت اكليلها
بالقاسم بن بن محمد بن القاسم
لاكالذي جعل الجواري همه
وشقى بحرب امامه من قادم
الا انها ربما تدخلت في السياسة وفي شؤون الدولة . وفي شعرها ما يدل على أنها كانت لها يد في سياسةر الدولة وتثببت استحقاقه في الخلافة تقول :
اصخ لي أيها الملك الهمام
عليك صلاة ربك والسلام
إليك ركائب الآمال أمت
تيقن أن مطلبها امام
أتيتك شاكياً من ريب دهر
به عز المعين فلا يرام
به عيل الوفاء فلا وفلاء
به فقد الذمام فلا ذمام
ولا الآباء والابناء فيه
ولا الاخوان بينهم التآم
وفدت على كريم اريحي
سخي ليس يعروه السآم
يجود بصافنات الخيل تزهو
بعسجدها إذا شح اللآم
يجود بيعملات العيس تنؤ و
باثقال يجاذبها الزمام
بكم لا شك تنتظم المعالي
كسلك الدر يجمعه النظام
وأنت أبا الحسين أجل قدراً
من الاكفا وإن جحدوا ولاموا
علوت عليهم كرما وفضلا
وما استوت المناسم والسنام
تلذ لك المروأة وهى توذي
ومن يعشق يلذ له الغرام
لقد حسنت بك الأيام حتى
كأنك في فم الدهر ابتسام
الا انه لم يعبه لهذه الامور ولم يرق له تدخلها في شؤون الدولة فدب خلاف بينهما وقد حرصت على تجاوز الخلاف بينهما فكتبت تطلب العفو منه و تقول له :
من شيمة الحر الكريم العفو عن سهو الذنوب
ومن المرؤة تركه للبحث عن نشر العيوب
الا انه طلقها . فكتبت إليه تعاتبه :
أهكذا كل من قد ملَّ يعـتذرُ
ويعقب المدح ذمٌّ منه مُبتكرُ
أما أنا فلقد حمَّلتني شططًا
بالأمر والنهي فيمن ليس يأتمرُ
ما كان قصدي لكم إلاَّ مـوازرة
والسعي في الخير جهدي لستُ أعتذرُ
فمنك جاءت ولم ترثِ لمغـتربٍ
لم ينهه عنك لا زيدٌ ولا عُمَـرُ
سريت ما غرني حقًّا سوى قمـرٍ
ولستُ أول سارٍ غرَّهُ قمـرُ
وبعد ذلك تزوجها (طالب ابن الإمام المهدي) فما أحبته ومن
شعرها فيه تقول له :
ما بال أخلاقك تلك الحسان
يا بهجة النادي ونور المكان
تنكرت من بعد تعريفها
والحال ما امتاز بعطف البيان
فوقع الطلاق بينهما .
كتبت مرة إلى الأمير (موسى بن الإمام إسماعيل بن القاسم)
تطلب منه كتاب: (القاموس)، فقالت: –
مولاي موسى بالذي سمك السما
وبحق من في اليمِّ ألقى موسى
امنُن عليَّ بعارة مــــردودةٍ
واسمح بفضلك وابعث القاموسا
وبعد فشل زواجها الثالث كان قد ولى بها العمر فارتاضت وتصوفت فكانت امراة تقية ورعة . لزمت بيتها متعبدة الى ان وافاها الاجل في مدينتها ( شهارة ) سنة 1114 هجرية – 1709 ميلادية .
يمتاز شعرها باسلوبه الرصين البعيد عن التكلف فشعرها مليء بالمعاني الجميلة والصور الشعرية .
و اختم من شعرها بهذه الابيات :
أين الصفا والخلق المرتضى
حين التداني والزمان الزمان
وفت امام العصر من أذعنت
لامره فيما مضى الخافقان
البر اسماعيل ذاك الذي
كان من الرحمن حقا معان
من مصرها ألقت مقاليدها
اليه والهند واقصى عمان
فرحمة الله على وجهه
تنهل ما دارت صروف الزمان
سرعان ما انسيت ذاك الصفا
والانس في تلك المغانى الحسان
سقين اياماً بتلك الربى
وذلك العهد وذاك الاوان
ما كدر الوصل وغال الوفا
وما لذاك الصدق في الود مان
متى ارى حظك يا سيدي
يسمو إِلى الافلاك يا ذا المصان
عسى الحكيم العدل في امره
الراحم الديان ذو الامتنان
مدبر الأمر على ما يشا في
كل يوم منه أمر وشان
يقضى لنا بالجمع بعد النوى
من أين لي انظركم بالعيان
ودم لكسب العلم ترق العلى
حتى تنال السبق يوم الرهان