بين الحقيقة و الأوهام تسكن الأحلام
#الأحلام، ذلك العالم الوردي الذي رسمناه منذ نعومة أظافرنا، عالم كنا نلجأ إليه هروبا من الواقع بل و مازلنا نفعل، عالم جميل لا يحكم فيه علينا أحد، نستطيع أن نأكل دون أن نسمن، نصبح أغنياء دون أن نعمل، نخترع أشياء دون أن نفكر.
عالم يختلف كل الاختلاف عن واقعنا، ليس له حدود، و لكنه يقبع فقط خلف جدران جماجمنا، ليس له وجود فعلي، مجرد أفكار و تصورات تخرجنا من الإطار المكاني و الزماني الذي نعيش فيه....
الأحلام موضوع حساس لطالما استهواني، ما المميز بشأنه يا ترى؟ ما الذي يجعل الناس يتهافتون عليه؟ ...#المخيلة أو #الخيال تلك القوة الكامنة و المحرك الرئيسي للأحلام، ما الذي يدفعها للقيام بذلك؟ #الرؤية، #الأمل، #الطموح، #العزيمة و #الإرادة كلمات التفت حول الأحلام فأعطتها قوتها ووجودها الخاص.... #السعادة ما الطريق إليها، و هل هناك سبيل إليها من الأحلام؟ .... هل الأحلام تنقذنا من الهلاك؟ أسئلة كثيرة كانت تجول بخاطري و تلتقي كلها عند نقطة واحدة اسمها #الأحلام....
قصد توسيع فكرتي حول الأحلام، ناقشت الموضوع مع مجموعة من الأصدقاء من مختلف الأعمار و التخصصات، أردت أن أعرف إن كان لهاته الأحلام تعريفات مختلفة عن تلك التي أملكها،أو بالأحرى تلك التي كونتها، "فلطالما اعتقدت أن الأحلام هي تلك الأهداف الكبيرة بعيدة المنال و التي لا يمكن الوصول إليها سوى عبر مجموعة من الخطوات أسميتها الطموحات، كما كنت أعتقد أنه فقط أولئك المحظوظون منا من يملكونها"، لكن لم تكن هاته أراء معظم أصدقائي .... أخبرتني صديقة أن الجميع يملك الأحلام، كلنا نحلم منذ الصغر، بعض أحلامنا منطقية و أخرى لا تمد للواقع بصلة، فكأن أقول أحلم أن أسافر لبلد ما هذا يتقبله العقل و لكن أن أقول أحلم أن أنفث النار من فمي مثل التنانين فهذا الجنون بعينه، رغم أن العقل صنع تلك الفكرة و أرسلها شيفرة للّسان لينطقها.. . فالحلم هو فكرة، تصور، قطع لملمناها في شكل معين لنعطيها وجودها الافتراضي في مكان مغلق لا يمكن التجسس عليه، الأحلام هي تلك الأشياء التي يغذيها #الواقع ويقويها #الخيال، فكأن أقول أحلم أن أصبح طبيبا، فالأمر واضح لم؟ الأرجح أن أحد أفراد العائلة مريض أو أنني كنت أمرض كثيرا في صغري و كان هناك طبيب عالجني فشفيت. فلم يستطع عقلي الباطني سوى أن يقع في حب هذه الفكرة، و يكون خيالي حولها عالما زهريا يجعلني أشعر بالنشوة كلما فكرت فيها..... و لكن المشكلة تكمن في كونها مجرد فكرة، لن تنزل الواقع أبدا....
و حدثت صديقا آخر عن الفرق بين الأحلام و الطموحات، فأجابني أن الفرق يكمن في عمق المبدأ، فالأحلام تبقى أحلاما و مجرد أفكار أما الطموحات فهي طريق طويلة وصعبة على قطار العزيمة و الارادة ولكن إن كان شيء مؤكد بشأنها هو أنها ستصل لأرض الواقع يوما ما.... و سألت فتاة أخرى قالت أن الأحلام عالم مجرد في عقولنا يستند في بقاءه على الأمل أما الطموحات فهي تعريف آخر للأحلام اقترن بالعمل و التخطيط فتحول من عالم مجرد إلى عالم تطبيقي...
يقول المحفز العالمي "ليس براون" في أحد خطاباته: " البشر يملكون شيئا مميزا اسمه الرؤية the vision" و هذه الرؤية تنقذنا من الهلاك، تجعلنا نتنفس، توقظنا في ساعات الفجر الأولى، لماذا؟ ..... للنزول بالأحلام إلى عالم الواقع، لمحاولة الخروج من الواقع المأساوي الذي نعيشه، إلى واقع جميل قريب من ذلك العالم في مخيلتنا، الرؤية هي الراعي الرسمي للطموح، لا يمكن العزيمة وحدها أن تنزل الفكرة من عالم الأحلام إلى عالم الطموحات، بل الرؤية، ذلك الوعي بأن الغد يجب أن يكون أفضل، بأن فكرتي هذه ستحقق المستحيل، الرؤية تلك القوة القادرة على جعل الانسان يستبق الأحداث بل و يغير مجراها لتتوافق و ما يطمح إليه. و كم مرة ساهمت في إنقاذ حياة إنسان كان على وشك الانتحار و لكنه تراجع لأنه كان يملك رؤية واضحة عن مستقبله، عن السعادة التي سيصل إليها، عن أن الوضع الحالي مجرد محنة و تمر.....
الأمل، ما الأمل؟ الأمل خيط رفيع نتمسك به و نريد النجاة، لكنه رفيع جدا، هل سينقذنا حقا؟ الأمل يجعلنا نشعر بالطمأنينة و لكنه كالمخدرات، مجرد نشوة مؤقتة، لا تلبث أن تزول، فيضربنا الواقع ضربة رجل واحد من كل الجهات، فنحاول أن نختبأ مجددا خلف الأمل، لكنه واهن، لا يمكنه المساعدة و لا يمكنه حتى حماية نفسه فكيف بنا؟!..... و كذلك حال الأحلام، الأحلام فكرة نلفها بالأمل، و ننتظر علها تتحقق يوما ما، دون أن نفعل شيئا.... لذا لن تتحقق أبدا، لأنها ستعيش و لكن فقط في الخيال.... ستزورنا تلك الأحلام العظيمة على فراش الموت و تقول: لم؟ لم لست هناك؟ مع بقية الأفكار العظيمة؟ لم يجب أن أموت معك؟ لم يجب أن أذهب؟ فبذهابنا يختفي الأمل و تموت تلك الأفكار العظيمة قبل حتى أن تولد.....
شاهدت مرة فيديو، سئل فيه مجموعة من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية عن حلمهم، فأجابوا:" I want to be happy" .... هل السعادة حلم حقا؟ أم هي رفيقة الأحلام، السعادة!! هل هي هدف؟ طموح؟ وسيلة؟ غاية؟ ما حقيقتها؟...... السعادة في نظري هي جائزة، هي نتيجة لوصولنا لطموح أو هدف ما، السعادة هي شمعة في دواخلنا تشتعل بالشعور بالرضا عن النفس، السعادة هي رفيقة الرؤية، فوجودهما معا شرط ضروري و كاف.... لا أعرف أي شخص ضائع عرف معنى السعادة، ربما قد يشعر بالسرور أو البهجة و لكنه شعور لحظي و مؤقت، لا يفتأ أن يختفي، أما السعادة فهي الصاحبة المصحوبة، شمعة لا تنطفئ ما إن اشتعلت، غذاء للروح و الجسد، طريق مخضر الجنان.... لذا لا يحصل عليها الجميع....
لو لخصنا كل شيء، لوجدنا أن "الأحلام تبدأ بفكرة، نستقيها من واقعنا، ثم تكبر و تترعرع على يدي خيالنا، لتكبر و تلتحق بقطار العزيمة و الارادة، فتنزل مخططا على ورق و ترتسم لها رؤية للمستقبل، لتدرس كل الخيارات المتاحة أمامها،و تتخرج بشهادة الطموح، و في الأخير تلتحق بعالم الشغل و العمل، فإما أن تنجح بعد صبر و أناة و تصل إلى تلك الرؤية و تنال السعادة جائزة، فالنجاح يقبع على بعد خطوة واحدة من آخر محطة للصبر، أم تفشل و تموت على الطريق لأن قائدها قرر الاستسلام أو استعمل مسدس الخوف و الخطر فقتلها قبل أن ترى نور الرضا و السعادة"....
يقول "ليس براون" في أحد خطاباته:" فقط أولئك الذين #يخاطرون يستطيعون أن يعرفوا إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يصل" فيا ترى إلى أين يمكننا الوصول؟؟.....
#الأحلام_أول_الطريق_نحو_السعادة